أن تشارك أو تقاطع...

نشر في 23-11-2012
آخر تحديث 23-11-2012 | 00:01
المقاطع يعلم أن ادعاء عدم دستورية المرسوم هو ادعاءٌ واهٍ في ظل غياب حكم واضح من "الدستورية"، كما يعلم أن المجلس القادم سيكون شرعياً ما لم تحكم المحكمة بعدم دستورية المرسوم. ويتفق المقاطعون أن في المقاطعة مخاطرة القبول بمجلس سيئ قد يُنقِّح الدستور ويقضي على ما تبقى لنا من سقف للحريات والمشاركة الشعبية.
 إيمان علي البداح مقرف درجة الانقسام والحدة في "الحوار" بين المتحمسين لمقاطعة الانتخابات والمشاركين فيها. وخطورة هذا الحماس المبالغ فيه برأيي لا تتوقف عند قائمة التهم الطويلة الجاهزة للصق بالفريق الآخر... قائمة تتراوح بين السذاجة السياسية والخيانة العظمى، لكن الخطر الأكبر هو ذلك الغرور والثقة العمياء لدى كل فريق بامتلاك الحقيقة المطلقة، وأن كل من اختلف معها مغيب أو مضلل.

إذا استثنينا "الفداوية" من المشاركين والمؤزمين من المقاطعين، نجد أن هامش الاتفاق بين الفريقين أكبر بكثير مما يودان الاعتراف به. فهنالك اتفاق على فشل نظام "الدوائر الخمس" يقابله اتفاق أيضاً على فشل فكرة "الصوت الواحد" في تصحيح ذلك.

وهنالك اتفاق على فشل الحكومة وسوء المعارضة، ورغبة مشتركة في الخروج من الأزمة بأقل الأضرار والتركيز على التنمية والتطوير.

هنالك اتفاق شامل على أننا عند تقاطع مفصلي في تاريخنا وبقائنا كدولة.

الأهم أن هنالك إجماعاً صامتاً على أنه لا المشاركة ولا المقاطعة تضمنان الحلول التي نتوقعها. العامل المشترك الأكبر هو الشعور العارم بالخوف والغضب، وهذا العامل المشترك للأسف هو الذي يغذي الخلاف.

المقاطع يعلم أن ادعاء عدم دستورية المرسوم ادعاء واه، في ظل غياب حكم واضح من المحكمة الدستورية، كما يعلم أن المجلس القادم سيكون شرعياً ما لم تحكم المحكمة بعدم دستورية المرسوم. ويتفق المقاطعون على أن في المقاطعة مخاطرة القبول بمجلس سيئ قد يُنقِّح الدستور ويقضي على ما تبقى لنا من سقف للحريات ومساحة من المراقبة والمشاركة الشعبية.

والمشارك يعلم أن نظرية "شارك واختر مجلساً أفضل" لا دعم لها خصوصاً مع عينة المرشحين الحاليين، ويرى عدم "ضرورة" المرسوم، ويرى في مثل هذا القرار تراجعاً في مساحة المشاركة الشعبية، وتأكيداً على نهج التفرد بالسلطة، كما يعلم أن فرص النجاح بغير الدعم الحكومي أو الطائفي أو القبلي أصبحت شبه معدومة، ويؤكد سهولة تلاعب المال السياسي بنتائج الانتخابات.

لماذا لا نتحاور إذن ما دام بيننا هذا المجال الواسع من الاتفاق؟ لماذا لا نقبل الاختلاف بهدوء وبطيبة خاطر؟ لا ننجح في ذلك لأننا نتصرف بعاطفية لا عقلانية، نستسهل توجيه غضبنا وخوفنا على الآخر بدلاً من مواجهة دوافع هذا الخوف والغضب الحقيقيين.

أمتنع عن التصويت لأنني وببساطة أريد إيصال رفضي للمرسوم، وأن أجعل من هذه الانتخابات استفتاء شعبياً حوله.

أمتنع وأنا على قناعة بأن المقاطعة ليست حلاً لأي شيء، لكن عينة المرشحين الحاليين تخفف وطأة مخاطر الفشل.

أقاطع ولكني أقدر وأحترم من سيشارك، أقاطع وأعترف بغضبي العارم والقليل من خوفي!

back to top