ملاحظة معبرة أدلى بها المستشار الثقافي في دبي، الدكتور صالح الياسين، في أمسية كويتية جميلة احتفاءً بطلبتنا المتفوقين في جامعات دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي كان لي شرف المشاركة فيها، حيث ذكر أن أغلبية الجامعات الإماراتية الحكومية منها والخاصة، تضم طلبة من خمسين دولة مختلفة من أنحاء العالم، وتقيم هذه الجامعات تظاهرة سنوية تسمى باليوم العالمي، حيث يلتقي هؤلاء الشباب لعرض العديد من صور ثقافاتهم وعلومهم وعاداتهم وفنونهم بما في ذلك ملابسهم التقليدية وأطباقهم الغذائية، ومن الطبيعي أن يتمازج هؤلاء الطلبة أيضاً طوال العام الدراسي في قاعات الدرس والمختبرات والمكتبات والكافتيريا والملاعب الرياضية في جو من الوئام والألفة، غايتهم جميعاً التحصيل العلمي.

Ad

وما لفت نظري في هذا المشهد هو كيف يمكن لهذا المزيج المتنوع بل المتناقض أحياناً، إذ قد تشهد بعض الدول التي ينتمي إليها هؤلاء الطلبة صراعات وربما حروباً مسلحة، أن يكون قادراً على التعايش السلمي والاحترام المتبادل وضبط النفس؟! وبينما أستذكر هذا المنظر أتساءل: لماذا لا يقبل البعض عندنا في الديرة هذا النوع من التعايش السلمي كحالة طبيعية من الانسجام والاحترام، وخاصة أننا، حتى كشرائح مجتمعية، لا نزيد على ثلاثة أو أربعة تصنيفات عاشت وانسجمت على مدى سنوات طويلة جداً، في الحلوة والمرة والسراء والضراء؟

ولماذا يحاول البعض أن يفرض نفسه ولياً على الآخرين، ويحتكر مسطرة الولاء والوطنية والحق والصواب، وفوق هذا كله يصر على أن تفزع له قبيلته أو طائفته أو أبناء فئته للانضمام إليه ودعمه ضد الآخرين؟ ولماذا صار الجمهور العام ينتظر الشارة ليرمي بكل ثقله وراء خلافات أشخاص قد تكون في الكثير من الأحيان مجرد خصومات فردية؟ وهل أصبحت الأمة بأغلبيتها من السذاجة والسطحية للتفرغ كلياً لمثل هذا الاصطفاف وترك وإهمال قضايا مصيرية ومهمة، ومنها على سبيل المثال قضايا التعليم ومستقبله وآفاقه؟

في تجمع دبي رأيت طالبات وطلبة من مختلف شرائح المجتمع الكويتي، جمعهم همّ واحد وهدف مشترك، هو التحصيل العلمي الجامعي بسبب عدم توافر مقاعد شاغرة لهم عندنا في الكويت، ولم يكن سبب عدم وجود فرصة التعليم الجامعي لهؤلاء الشباب بسبب مذهبهم أو قبيلتهم أو منطقة سكنهم، ولكن بسبب وجود جامعة واحدة حكومية لدينا فقط في حين أن عدد الجامعات في دولة الإمارات الشقيقة قد تجاوز الخمسين جامعة.

بالفعل أتمنى من الشخصيات السياسية والنواب بالذات وإن تخاصموا وتساببوا أن يخرجوا في لقاء واحد مشترك ليعلنوا رأياً صريحاً وموقفاً موحداً حول القضية الجامعية، ومشروع مدينة الشدادية تحديداً، وليطبقوا على الأقل المثل القائل "ساعة لربك وساعة لقبلك"، فليتشاتموا ولو ألف مرة، ولكن ليتفقوا ولو مرة واحدة حتى يشعرونا بأننا قد نتفق على شيء ولو بسيط، لأننا في بلد واحد على الأقل!