إبعاد الإسلام عن السياسة!

نشر في 18-04-2012
آخر تحديث 18-04-2012 | 00:01
No Image Caption
 صالح القلاب ما إن أكد مجلس النواب الأردني، في التعديل الذي أجراه على مشروع الأحزاب الجديد، منع تشكيل أي حزب سياسي "على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو فئوي" حتى استنفر الإخوان المسلمون وأخذوا "يدبون" ليس الصوت وإنما الأصوات على أساس أنه يستهدفهم ويستهدف "جبهة العمل الإسلامي" التي بقيت تشكل منذ تأسيسها في بداية تسعينيات القرن الماضي الوجه الآخر لهم ولعملتهم السياسية.

كل هذا مع أن جماعة الإخوان المسلمين المصرية، التي هي "الجماعة الأم" التي تتميز عن غيرها من جماعات الإخوان الأخرى بأنها هي التي تقدم المرشد العام لهذه الجماعات كلها، كانت قد بادرت فور انتصار الثورة المصرية الأخيرة إلى إعلان تشكيل حزب سياسي مستقل باسم "حزب الحرية والعدالة"، وهذا ما حصل في المغرب بتشكيل حزب العدالة والتنمية، وما حصل في تونس، حيث أبقى الشيخ راشد الغنوشي على اسم حركة النهضة، لكن بدون الصفة الإسلامية.

لم يطلب أحد من جماعة الإخوان المسلمين المصرية ألا تعطي للحزب، الذي بادرت إلى تشكيله، أي مسمى ديني إسلامي، فهي لجأت، بدون ضجيج ولا صراخ ولا عمليات ندب ونواح، كما فعل "إخوان" الأردن، إلى التلاؤم مع توجهات المرحلة الجديدة بعدم استخدام أي اسم ديني لأي تنظيم سياسي، وهي كما يبدو وتحت ضغط تيار الشباب في تنظيمها تتجه إلى النأي بنفسها كـ"جماعة" عن التعاطي بالقضايا السياسية التي يجب أن تترك للحزب الذي تم تشكيله، بينما تكرس هي نفسها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وللقضايا "الدعوية".

إنه لم يعد مقبولاً على الإطلاق استغلال الدين من أجل السياسة، فالدين لله والوطن والعمل السياسي للجميع، ثم إذا كان من حق المسلمين أن يشكلوا أحزاباً سياسية باسم الدين الإسلامي فإنه من حق إخواننا المسيحيين أن يشكلوا أيضاً أحزابهم التي تحمل أسماء دينية مسيحية، فالدساتير العربية تنص كلها على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ما يعني أنه غير جائز أن يُحرم أي مواطن من أي حق على أساس ديني، وأن يتميز مواطن آخر بمثل هذا الحق بحجة أن دستور البلاد ينص على إسلامية الدولة.

ربما لا يوجد مثل هذا الإشكال في دول المغرب العربي، وأيضاً في اليمن والدول العربية الخليجية، لكن مع ذلك فإن رفض تسمية أي حزب سياسي في هذه الدول باسم ديني مبرره السمو بهذا الدين الحنيف، الذي هو للجميع حتى بما في ذلك من غير المسلمين، عن الألاعيب والمناورات السياسية واستغلال عواطف البسطاء الذين ينخدعون في العادة بالتسميات الدينية، سواء إسلامية أو مسيحية.

back to top