على طريقة خبر سارت به الركبان، فإن ركبان الإعلام المرئي والمسموع سارت بخبر الزوج السعودي الذي طلّق زوجته على الهواء مباشرة فحظي بملايين الشهود. الزوج اتصل ببرنامج إذاعي اسمه "خفايا زوجية"، واشتكى فيه من زوجة تسافر لمتابعة شؤون تجارتها من الرياض إلى جدة ولا تخبره إلا وهي في المطار، كما أنها لا تسمع كلامه ولا تجلس في البيت لترعى بناته. وعلى الهواء مباشرة وبعد ثلاث دقائق انتفخ المستشار الأسري بالحل وقال للزوج: طلقها فانتفخ الزوج وقال: طاااالق.

Ad

من المهم أن نوضح أن الناصح الأمين هو رئيس لأحد لجان إصلاح ذات البين.

أنا شخصياً لم يشغلني أمر المستشار مثلما شغلني أمر الزوج. فما الذي جعله يصبر على زوجته عشر سنين ثم يطلقها في لحظة فضائية، هل هو الفضاء الإعلامي وما يفعله بالناس وما ينفخه فيهم؟ أم إن الزوج وجد في شخصية المستشار قائداً روحياً فأوكله أمره، ففكر عنه ثم حثه على أن يفعل أمراً غاب عنه عشر سنين ففعل؟ أم إن الزوج خجل من أن يكون أقل انتفاخاً مما ظنه المستشار، والناس عليه شهود، فما كان منه إلا أن رمى يمين الطلاق على طريقة الأزواج المنتفخين؟

الحقيقة إنني لست بصدد الدفاع عن الزوجات اللاتي يسافرن ولا يخبرن أزواجهن إلا في المطار، ولا عن الزوجات اللاتي لا يغسلن الصحون، لكنني لو كنت مكان المستشار لفضلت أن أسمع رأي الطرف الآخر، فربما أن التي تترك بيتها وتسافر مئات الأميال هي التي تصرف على البيت مثلاً، كما أن قاعدة الفصل بين المتخاصمين تقول "إن جاءك من يشكو أن عينه فقئت فلا تحكم له حتى يجيء الآخر فقد تكون عيناه الاثنتان فقئتا".

الحلول الفضائية المنتفخة بالحمية الذكورية وحماية حقوق الأزواج ليست هي نفسها حين تشتكي الزوجة، فبعد هذه الحادثة بيومين نشرت الركبان الإعلامية خبراً عن طفلة عمرها خمس سنين ترقد في العناية المركزة، بعد أن ضربها والدها وهي في زيارة له بعد طلاق أمها وتسبب لها في كسر بالجمجمة وكسر في اليد فضلا عن آثار كي وضرب على جسدها الصغير، وفي ثنايا الخبر تخبرنا الأم بأن هذا المعتدي نفسه كان يضربها ليلاً ونهاراً، لكنها حين ذهبت تشتكي للقاضي طالبة الطلاق، حكم لها بالطلاق مع إسقاط النفقة عنها وعن ابنتها، ولأن الزوج لم يتعلم شيئاً وظن أنه لا يخسر شيئاً بالطلاق، فقد تزوج بأخرى تصبر أكثر، وحين زارته ابنته من الزوجة المطلقة انتهت زيارتها بالعناية المركزة. الزوجة التي تذهب إلى المحاكم والمستشارين الأسريين وتشتكي سواء من زوج يتعاطى المخدرات أو يسومهم سوء العذاب، أو لا يقوم بواجباته الأسرية، آخر ما تسمعه "طلقيه" بل اصبري عليه، فالنفخ عادة يكون من نصيب الأزواج، لذا تراهم أكثر الناس ممن يطيرون في العجة.