بعد «ساندي»... احتجاز مياه البحر مكلف ولكنه ضروري

نشر في 24-11-2012 | 00:01
آخر تحديث 24-11-2012 | 00:01
No Image Caption
في مقالة كتبها أخيراً مايكل من «بلومبرغ» ردد ما كان يقوله العديد من علماء وخبراء المناخ منذ بعض الوقت، وهو أن الوقت تأخر كثيراً من أجل عكس العواقب السلبية للاحتباس الحراري، وأن أفضل ما في وسعنا عمله، كما قال لي أحد كبار مديري صناديق التحوط، هو أن نعتاد هذا الوضع.
احتاج الأمر إلى كارثة من مستوى إعصار ساندي، لدفع البعض من السياسيين المرموقين إلى التحدث عن تأثيرات تغير المناخ. وفي أعقاب حصيلة وفيات عالية وأضرار تقدر بخمسين مليار دولار نتيجة العواصف العاتية قال حاكم ولاية نيويورك أندرو كيومو، إن على الولاية النظر في بناء سلسلة من الجدران حول مدينة نيويورك – وبكلفة لا تقل عن 10 مليارات دولار. وفي مقالة كتبها أخيراً مايكل من "بلومبرغ" ردد ما كان يقوله العديد من علماء وخبراء المناخ منذ بعض الوقت، وهو أن الوقت تأخر كثيراً من أجل عكس العواقب السلبية للاحتباس الحراري، وأن أفضل ما في وسعنا عمله، كما قال لي أحد كبار مديري صناديق التحوط، هو أن نعتاد على هذا الوضع.

إنقاذ الميناء

وهذا يعني التكيف، أي إعادة تصميم موانئنا، وإدارة سواحلنا وتشييد أبنيتنا وأنظمة النقل بحيث تحد من الأضرار التي نجمت عن العواصف الأشد قوة والأكثر حدوثاً. وحسب سيتثيا روزنزويغ وهي باحثة رفيعة في معهد غودارد لدراسات الفضاء في ناسا والتي تشارك في رئاسة مجلس استشاري يدعى هيئة مدينة نيويورك للتغير المناخي، فإن خطوة في مثل بساطة إيجاد مجرى لتصريف مياه العواصف يمكن لها أن تحد من خطر الطوفان في خطوط المترو والأنفاق والسكك الحديدية والمصانع.

وبعد 11 سبتمبر عمد غولدمان ساكس الى تصميم مقراته الجديدة في مانهاتن وتزويدها بمجموعة من المولدات الكهربائية القوية في دور مرتفع بما يكفي لتأمينها وحمايتها من مياه الفيضانات الأخيرة. ويصمم الهولنديون الذين يعزفون عن العيش على مقربة من البحار المرتفعة الأمواج أبراجاً سكنية تسمح بتدفق وخروج المياه الجارفة من المباني.

وإضافة إلى إعادة التفكير في كيفية تشييد أبنيتنا يتعين علينا إعادة التفكير في أماكن البناء. وتقدم السلطات الفدرالية مساعدات تأمين من الفيضان إلى أصحاب المنازل والشركات الذين يعيدون بناء ما دمرته العواصف، وقد كلف ذلك دافع الضرائب الأميركي مليارات الدولارات. ومن خلال استبعاد تأمين الفيضان الفدرالي فإن الأسواق الخاصة سوف تثمن بوليصة التأمين بشكل أكثر واقعية -وأعلى– وبذلك تحد من البناء على طول السواحل المعرضة للخطر.

تكلفة عالية

سيتمثل العلاج الأفضل في بناء بوابات بحرية لدرء هبوب العواصف. والعديد من مدن العالم بما فيها لندن وسنغافورة وروتردام تحتوي على مثل تلك البوابات. وربما كانت نيويورك بحاجة إلى بناء بواباتها الخاصة بها، ولكن ذلك قد يخلق العديد من المشاكل، إضافة الى التكلفة العالية. وعلى سبيل المثال فإن المهندسين يصممون أحيانا بنية لمواجهة حادث محتمل خلال 100 عام. وبحسب روزنزويغ من ناسا فإن مبنى في حي باتري بارك في نيويورك يبلغ ارتفاعه 8.6 أقدام بني لمواجهة حالة محتملة في مئة سنة، غير أن اعصار ساندي وصل الى 10.6 أقدام وهي حالة غير محتملة الا كل 500 سنة. وإضافة الى ذلك فإن تشييد جدران بحرية من أجل حماية مانهاتن قد يفضي ببساطة الى تحويل الاعصار الى مناطق أخرى غير محمية في المدينة ويفاقم بذلك من الطوفان في تلك الأنحاء. ثم إن من غير الواضح ما ستكون عليه التأثيرات البيئية لتلك البنية البحرية بالنسبة الى الثروة السمكية ومصبات الأنهار في تلك المنطقة.

إن التكيف مع الوضع العادي الجديد سيكلف الشركات التجارية والحكومات في شتى أنحاء العالم مئات المليارات من الدولارات، ولكن تلك قد تكون صفقة مربحة مقارنة بالأضرار التي قد يسببها "ساندي" آخر أو "كاترينا" أخرى في المستقبل. وثمة جانب مشرق على أي حال: ستكون الأعمال جيدة جداً بالنسبة الى تلك الشركات المستعدة لإعادة التفكير واعادة بناء بنيتنا التحتية المعرضة للخطر.     

(سي إن إن موني)

back to top