رغم وجاهة ما تم التصريح به من قبل المعارضين لتعديل الدوائر بإقحام المحكمة الدستورية، وعدم أحقية الحكومة بتحويل قانون الانتخابات بهذه الطريقة، وما ترتب عليه من إرباك للحكومة وخطوطها القانونية، كما أنه فتح الباب على مصراعيه للأغلبية برفع سقف مطالبها، حيث عبر بعض أعضاء المجلس المنحل والمنتمين إليهم بالمطالبة بالإمارة الدستورية، يسندهم في ذلك استمرار تماسك أغلبية الكتل الرئيسة مثل التكتل الشعبي وكتلة التنمية والإصلاح والحركة الدستورية وبعض التنظيمات الشبابية الأخرى التي سبق أن كان لها دور فاعل فى إسقاط حكومة الشيخ ناصر ومجلس 2009.

Ad

هذه التكتلات ما زالت حاضرة، ولكن بدرجة أقل شعبياً، ولعل الأيام القادمة تعكس لنا مدى قدرة تلك الكتل على حشد الشارع مرة أخرى في قضية تصور على أنها انتهاك للدستور.

التحضير لهذا الحشد بدأه النائب السعدون بسرد محاولات الحكومة المتكررة في الانقلاب على الدستور، هو نوع من لفت الانتباه والتحضير لما هو قادم، وعلى نفس الخط كان تصريح المحامي الحميدي الذي حدد الإشكالية القانونية، وذلك من خلال عدم أحقية الحكومة بالتفرد بالتحويل من طرف واحد.

حيث ذكر الحميدي أن "إحالة قانون الدوائر الخمس يشترط انعقاد جلسات المجلس وظهور منازعة حول القانون كشرط لصحة الإحالة، وهذا ما لم يحدث، مما يبطل قرار الإحالة"، مضيفاً أن "المنازعة بين مجلس الأمة والحكومة شرط لازم لإحالة قانون الـ5 إلى الدستورية والتي بدونها يمكنهم التعديل بالتراضي داخل قاعة عبدالله السالم".

وأضاف الحميدي "وفقا للمادة 4 يجوز أن يلجأ إلى المحكمة للفصل في منازعة دستورية والتي يكفي لتوافرها وجود خلاف في دستورية تشريع يدور حوله رأيان في المجلس؛ مما يتضح وفقا لقانون

إنشاء المحكمة الدستورية وحكمها رقم 2/1981 دستوري عدم اختصاصها بنظر الإحالة وذلك لعدم وجود منازعة".

هذا الكلام لا بد أن يرد عليه بشكل واضح من مجلس الوزراء، فهو المعني بالأمر، وهو المتهم من قبل تلك التكتلات، ولكن يجب تبيان الحقيقة للشعب الذي تاه بين الحكومة والمعارضة.

خلاصة القول:

المطالبات التي يتبناها البعض هي نوع آخر من التعدي والالتفات إلى الدستور، والتي لا أعتقد أنه مرحب بها، ولن ينجرّ الشعب وراءها خصوصا في أجواء عدم الثقة التي يعيشها أطياف المجتمع والكيل بمكيالين، والريبة من تصرفات بعض نواب الأغلبية والتشكيك في ولاءات الكويتيين، كما أن هذا التحرك لا يبدو طبيعياً ومشبوهاً من حيث التوقيت.

عندما يصل الأمر إلى تهديد البعض بأن الكويت يمكن أن تسير على خطى الربيع العربي، فهذا لا يمكن قبوله، فشتان بين الدول التي نالها الربيع العربي وأسباب قيام تلك الشعوب بثوراتها، وحتى التي لم ينلها هذا الربيع، فالكويت لا يمكن مقارنتها مع أي بلد آخر لا من حيث المستوى المعيشي، ولا من حيث سقف الحريات؛ لذا جرنا إلى المجهول مرفوض، ولن ننجر إلى أي أجندة مهما كانت.

ودمتم سالمين.