كم يحز في نفوسنا أن نرى نخبة من الشباب والبعض منهم يدخل معترك الحياة السياسية والبرلمانية للمرة الأولى، نراهم وقد انغمسوا مع هذه الأغلبية حتى غدوا يبصمون على أطروحاتها ربما دون إدراك لمداها وكأنهم معصوبو الأعين، فتخلوا عن استقلاليتهم وأصبحوا يتحركون في ظل المخضرمين من أعضاء المجلس.

Ad

مر العالم بعصور عدة منها السحيق كالعصر الجليدي والطباشيري ومنها الماضي البعيد كالعصر الروماني والبيزنطي، ومنها الماضي القريب في عالمنا الإسلامي كالعصر الأموي والعصر العباسي وعصور المماليك والبرامكة، وغيرها.

وإذا ما دلفنا إلى بلادنا الكويت فيمكن تقسيم تاريخنا إلى عصر نشأة الدولة، ثم عصر الحماية البريطانية، ثم عصر الاستقلال والدستور والديمقراطية والمعارضة الوطنية التي غرست في المجتمع الأطر البرلمانية بعيداً عن المصالح والأهواء الشخصية أو الفئوية والحزبية، حتى وصلنا الآن إلى عصر الأغلبية.

وكم استبشرنا خيراً بالوصول إلى هذا العصر، على أمل أن تحمل هذه الأغلبية راية التطور والتنمية وتقيل الدولة من عثراتها، فإذا بها لا تكتفي بما وصلنا إليه من تخلف عن ركب التقدم والحضارة بل سارعت الى تقديم قوانين واقتراحات تفوح منها رائحة طائفية عنصرية بغيضة، وهذا يدفعنا الى التأكيد على ان هناك من يسعى الى فرض آرائه وأفكاره على الوطن وأهله، بل ويسعى إلى تدمير المجتمع ومكوناته لأهداف ربما لا ندركها الآن، أو أننا لا نريد التفكير بها.

وكم يحز في نفوسنا أن نرى نخبة من الشباب والبعض منهم يدخل معترك الحياة السياسية والبرلمانية للمرة الأولى، نراهم وقد انغمسوا مع هذه الأغلبية حتى غدوا يبصمون على أطروحاتها ربما دون إدراك لمداها وكأنهم معصوبو الأعين، فتخلوا عن استقلاليتهم وأصبحوا يتحركون في ظل المخضرمين من أعضاء المجلس.

في عصر الأغلبية هذا ندخل في نفق مظلم لا نرى نوراً في نهايته، وتحول مجلس الأمة من صرح للديمقراطية وقيادة البلاد لآفاق رحبة من الحرية والحياة البرلمانية، إلى مجلس أعلى للفتوى والتشريع، وتلاشت من أولوياتهم خطة التنمية والاهتمام بمصالح الوطن والمواطن.

وانحسرت الأولويات لتقتصر على سن قوانين واقتراحات ذات طابع ديني كقانون الحشمة وشرطة الأخلاق وفتح الميكرفونات أو إغلاقها، وتسجيل الخطب، ومنح الشهادات الجامعية لحفظة القرآن وغيرها، ممن ندعو الله أن يجزي من أتى بها خيراً، ولا نشك أبداً بالنوايا الطيبة لمن اجتهد، ولكن دعونا نتساءل هل هذه القوانين والاقتراحات هي من الفروض أو السنّة أو هي من باب الإصلاح والنصيحة؟!

في عصر الأغلبية غدا السادة نواب الأمة الأفاضل في تنافس إعلامي دائم فما يكاد العضو الفاضل يرى الميكرفونات بأعدادها الهائلة حتى يسارع بعبارته المعهودة "إننا نحمل الحكومة المسؤولية كاملة... عن الزلزال الذي ضرب بلاد المسلمين في إندونيسيا"!

إن الحياة البرلمانية أسلوب حياة سياسية شاملة لا يجب أن نحصرها في مجال واحد. ومن هذا المنطلق نتساءل أين أولويات النواب من مجالات الصحة، والتعليم، والإسكان، والأزمة المرورية، والاقتصاد، والبورصة، والنظافة، والتشجير وغيرها الكثير مما يحتاج إلى جهد كبير ومازال أملنا كبيراً في عصر الأغلبية.

سؤال بريء...

هل الوقوف وبهذا الزخم الكبير مع قضية "البدون" بدافع إنساني؟

وليحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.