الأديب موقفا

نشر في 24-06-2012
آخر تحديث 24-06-2012 | 00:01
 ناصر الظفيري أليس والكر الروائية والشاعرة والناشطة السياسية الأميركية السمراء الضلع الثالث في الابداع الأدبي النسوي الأميركي بعد زورا نيل هيرستون  صاحبة رواية "أعينهم ترقب الله" وتوني موريسون الغنية عن التعريف. اشتهرت رواية أليس والكر "لون قرمزي" الفائزة بجائزة بوليتزر والتي قام المخرج الكبير ستيفن سبيلبرغ بمعالجتها في فيلم حمل الاسم نفسه حتى أصبحت علامة فارقة في الأدب الروائي والسينمائي وأخيرا المسرحي.

ولدت والكر في جورجيا عام 1944 وتزوجت من الكاتب اليهودي ميلفن روزمان ليفنثال عام  1967 وانتقلت معه الى المسيسيبي ليكونا أول زوجين هناك من عقيدتين مختلفتين مما فتح عليهما أبواب الكراهية البيضاء والتهديد بالقتل من منظمة "كلو كلوكس كلان" الشهيرة. وأنجبت منه ابنتها ريبيكا قبل أن تنفصل عنه بالتراضي لتعيش مع ابنتها. يهمنا هنا من زواجها وانجابها من يهودي موقفها الانساني الذي سنتحدث عنه.

والكر الكاتبة الأميركية، والتي تعيش تحت وطأة الهيمنة الصهيونية واللوبي الاسرائيلي المسيطر الى حد كبير على جميع المنتجات الاعلامية في شمال أميركا سواء كانت مكتوبة أو مشاهدة أو مسموعة، تعلن بكل جرأة أنها لن تسمح لدار يديعوت بإعادة نشر روايتها "لون قرمزي" علما بأن الرواية كانت نشرت من قبل في دار أخرى. الموقف كان له أثره هنا في شمال أميركا حين ردت الروائية على العرض برسالة الى دار الكتب  قائلة "أفضّل كثيرا أن يقرأ الناس كتابي في بلدكم، خصوصا الشباب والشجعان النشطاء من فلسطينيين واسرائيليين المناضلين من أجل العدالة والسلام والذي أسعدني العمل معهم. أتمنى أن يكون ذلك يوما ما، ربما قريبا جدا، ولكن لم يأت هذا الوقت بعد".

موقف والكر لم يكن موقفا مبنيا على متابع للأخبار ومتعاطفا مع الأجيال الفلسطينية التي عانت فصولا من أبشع فصول البطش وفقدان الهوية في القرن الماضي والحالي ولم يكن توافقا مع أطروحاتها في أعمالها الأدبية، والرواية المقصودة تحديدا والتي تتناول قصة فتاة سوداء تعاني الاضطهاد كونها امرأة أولا وسوداء ثانيا في جنوب أميركا الصاخب في الثلاثينيات من القرن الماضي، بل كان موقفا مبدئيا مماثلا لموقفها المعارض من عرض الفيلم في جنوب افريقيا أيام الحكم العنصري. كان موقفا مناهضا للتمييز العنصري ومؤيدا لحقوق الانسان في الدفاع عن هويته ووجوده.

في عام يناير 2009 كانت الكاتبة والكر ضمن حملة التوقيعات المناهضة لصناع السينما الاسرائيلية في مهرجان تورنتو السينمائي والذي أعلنوا فيها ادانتهم لإسرائيل كدولة عنصرية. وفي مارس من السنة ذاتها كانت أليس والكر ضمن ستين شخصية نسائية تزور غزة لإعلان موقفها ضد الحرب عليها وتقديم المساعدات الانسانية لأهلها وداعية النظامين المصري والاسرائيلي الى فك حصارهما على غزة.

ما فعلته الروائية الأميركية كانت تقف عاجزة عنه مجاميع كبيرة من الروائيين والمفكرين العرب الذين كان يخلطون بين ماهو انساني وما هو سياسي ويقفون صامتين أمام الدم الفلسطيني تحت ذرائع تافهة. وربما أكثر كتابنا اليوم يتمنى أن تمنحه اسرائيل فرصة ترجمة أحد أعماله الى العبرية. وكتابنا الذين صمتوا عن الدم الفلسطيني في غزة كل يوم والدم اللبناني ذات يوم هم من يصمت اليوم عن الدم في سورية وسيصمت غدا عن الدم في السودان وغيرها من دول الربيع العربي القادم تحت حجج سياسية أكثر هشاشة من عظام الأطفال الأبرياء ضحايا هذه الصراعات السلطوية.

back to top