هذه بضاعتكم ردت إليكم
قامت الدنيا ولم تقعد على حادثة بصق النائب الجويهل على زميله المطر، والذي يعتبر تصرفاً مرفوضاً جملة وتفصيلا ويستحق تطبيق اللائحة عليه، لكن التركيز على هذه الحادثة فقط مع تجاهل تصرفات أخرى لا تقل سوءاً هو قمة التناقض.ولنتذكر مرة أخرى كيف وصل النائب الجويهل إلى لمجلس بالرغم من كثرة القيل والقال حول شخصه، فلا هو باقتصادي ولا بصاحب شهادة متخصصة في مجال معين. فوصوله ما كان سوى لحمله قضية الازدواجية (وإن كان غير مؤهل لحملها) وردة فعل من قطاع متنوع من الناس على سلوكيات وأجندة الأغلبية الحالية وجمهورها عندما كانوا أقلية في المجلس الماضي.
فأثناء المجلس الفائت رأينا سلوكيات لا تقل سوءاً عن "البصق" مثل الشتم وتوزيع الاتهامات يمنة ويسرة بدون أدلة وبدون مراعاة للأصول، بل وصل الأمر إلى مبادرة بعض النواب إلى ضرب زملائهم! هذا غير انتشار ثقافة التكفير لدى بعض النواب الذين يُعتبرون في نظري أسوأ ألف مرة من "البصق" لخطورة هذه الثقافة الهدامة على الأمن الاجتماعي في البلد ككل، بل وصل فينا الأمر أن اقتحم بعض النواب المجلس وكسروا أبوابه وعاثوا فيه فساداً باسم الحرية ومكافحة الفساد! فلماذا لم تطبق اللائحة آنذاك على كل هذه التصرفات؟ ألانها تعتبر بطولة عندما تصدر من نواب معينين وجريمة إن صدرت من آخرين؟!والمصيبة أن نفس الذين أدانوا "البصق" في تلك الجلسة هم أنفسهم الذين قاموا بسلوكيات شائنة في الجلسة التي سبقتها (أي جلسة الاستجواب). ففي تلك الجلسة قيل إن حذاء ألقي من الجمهور على الجويهل إضافة الى شتمه والاستهزاء به وسط صمت الرئيس السعدون (دفّيع الفواتير). وفي نفس الجلسة قال أحد رموز الأغلبية لزميله: "يا عميل يا حرامي يا اللوقي" وسط تصفيق الجمهور وصيحات (عاش فلان)! ومع هذا لم تطبق اللائحة ولم يحصل أي استهجان واستنكار لمثل هذا السلوك القبيح لأن عين الرضا عن كل عيب كليلة لكن عين السخط تبدي المساويا. والأدهى والأمر أننا شهدنا سكرتير "الرمز الشعبي" يتعدى بالضرب على الجويهل وأيضا وسط صمت الرئيس وأغلبية مجلس فبراير عن هذه البلطجة! فبغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع الجويهل فإنه يظل نائباً للأمة شئنا ذلك أم أبينا ويجب أن يعاقب كل من يتعدى عليه.إذن فأنتم اليوم تجنون ثمار ثقافة الشتم والاقتحام والصراخ والتخريب، فلا تلوموا أبناء الدائرة الثالثة على ردة فعلهم بل لوموا أنفسكم على فعلكم، وراجعوا خياراتكم ونوعيات النواب الذين توصلونهم بأعلى الأصوات في دوائركم والذين أشاعوا هذه الثقافات السيئة وسط تصفيقكم وتهليلكم ومشاركتكم فيها، فهذه بضاعتكم ردت إليكم.