twilight حقبة ملحميّة انتهت بتنهيدة

نشر في 24-11-2012 | 00:01
آخر تحديث 24-11-2012 | 00:01
حتى بعد مرور هذه الفترة كلها، لا تستطيع الكاتبة ستيفاني ماير تفسير الظاهرة التي تحيط بالرومانسية الفائقة بين مصاص الدماء إدوارد كولن والمراهقة البشرية بيلا سوان، وهما الشخصيتان اللتان يجسدهما على الشاشة كلٌّ من روبرت باتينسون وكريستن ستيوارت. ماير أم لثلاثة أولاد، وقد تحولت بين ليلة وضحاها إلى نجمة في عالم الأدب منذ نشر روايتها «الشفق» (Twilight) في عام 2005.
قالت ستيفاني ماير أثناء تواجدها في جناح أحد فنادق بيفرلي هيلز: «لا أعلم ما يحبه الناس في هذه القصة (Twilight) وأجهل ما يجعلهم يكرهونها. لكني أعلم أن الوقوع في الحب شعور جميل. نريد جميعاً أن ينتابنا».

كانت كريستن ستيوارت تجلس بالقرب من ماير فقالت لها: «لطالما قلتُ ذلك. إنه أمر فطري. يختلف ذلك عن مشاهدة شخصين أو القراءة عن شخصيتين. بل ينتابنا شعور بأننا جزء من التجربة. إنه أمر نادر».

لا شك في أن تجربة Twilight نادرة بالفعل: إنها عبارة عن كتب وأفلام تبث شكلاً من النار الجامحة في نفوس المعجبات تحديداً. كان الهوس بالعمل هائلاً لدرجة أن المعجبين ساهموا في تحويل حكاية ماير الخيالية إلى عمل قيمته 2،5 مليار دولار، ما يثبت أن الحكايات التي تستهدف الفتيات قد تكون قوة جارفة على شباك التذاكر.

مع صدور الجزء الخامس والأخير على الشاشة الكبيرة بعنوانThe Twilight Saga: Breaking Dawn — Part 2، يبدو أن ماير وستيوارت تتقاسمان رابطاً مشتركاً يذكّرنا بالرابط الذي يجمع بين بطلَي القصة.

ينجم ذلك التقارب عن هدف مشترك لإبقاء هذه القصة المحبوبة على حالها حين تُترجَم على الشاشة الكبيرة، رغم الجوانب الدرامية فيها. استلزم هذا الأمر مواجهة مديري شركات الإنتاج كونهم أرادوا تخفيف حدة العذاب في شخصية بيلا التي تؤديها ستيوارت، ومنتقدي خطوط القصة المنمّقة بشكل مبالغ فيه، والكوميديين الشعبيين الذين حوّلوا السلسلة إلى مادة دسمة لدعاباتهم.

كانت ماير قد انتقلت من كونها ربة منزل من أريزونا إلى كاتبة تحصد أعلى المبيعات حين قابلت ستيوارت للمرة الأولى، عندما كانت هذه الممثلة لا تزال مبتدئة وتسعى إلى بناء مسيرتها المهنية عبر أداء أدوار في أفلام مستقلة. في السنوات اللاحقة، أصبحت مكانة ماير ككاتبة تستهدف الشباب توازي مكانة جي كي رولينغ أو سوزان كولنز، مع أن النقاد لم يتجاوبوا يوماً مع مؤلفاتها بقدر ما يفعل القراء.

لكن حصدت ستيوارت من جهتها إشادة واسعة: إذا لم يحصل ذلك من خلال تقييم النقاد الذي اتسم بالبرود تجاه أفلام Twilight، فقد حدث ذلك من خلال كسبها أدواراً صغيرة ومثيرة للاهتمام في أفلام مثلInto the Wild من إخراج شون بين، أو في النسخة المقتبسة من الرواية الكلاسيكية On the Road للمخرج والتر سالس. كذلك أصبحت من المشاهير الذين تلاحقهم صحافة الفضائح بشكلٍ لم تتوقعه مطلقاً، ذلك بسبب علاقتها المتقطعة مع نجم فيلم Twilight باتينسون.

كان إنهاء هذه الملحمة أمراً مرضياً بالنسبة إلى هذه الممثلة التي شعرت بالسرور كونها تمكنت من إيصال شخصية بيلا إلى نهاية سعيدة (ولو معقدة) من رحلتها، ما يخوّلها الانتقال إلى مرحلة جديدة من مهنتها. قالت الممثلة التي تبلغ من العمر 22 عاماً: «أنا مستعدة كلياً لإنهاء هذا العمل».

نصف بشرية

يتولى بيل كوندون الحائز جائزة أوسكار إخراج الجزء الثاني من فيلمBreaking Dawn  بعد أن أخرج الجزء السابق. يبدأ الفيلم بإظهار بيلا سوان كمصاصة دماء جديدة وأم جديدة، وتقوم ابنتها نصف البشرية، رينيسمي، بإشعال الحرب بين قبائل مصاصي الدماء حول العالم. تخطئ الطبقة الحاكمة في إيطاليا حين تفترض أن بيلا وإدوارد حوّلا طفلة بشرية إلى مصاصة دماء، وهو أمر ممنوع كلياً، فتجمع القوى للقضاء على عشيرة كولن كلها.

بفضل هذا السيناريو، حصلت ستيوارت على فرصة إضافة بُعد جديد إلى شخصيةٍ لطالما اعتبرت نفسها عادية وخرقاء. لكن بفضل قواها الخارقة الجديدة، يمكن أن تصبح رشيقة وجميلة وسريعة كالبرق وفتّاكة.

قالت ستيوارت التي كانت تثني ساقيها على الأريكة: «جسدت شخصيتها حين كانت واحدة من البشر لفترة طويلة. لذا شعرتُ بأن النسخة المستحدثة منها منطقية. كانت العوامل كافة مثالية لدرجة أني انغمستُ في الدور بكل سهولة».

تذكرت ماير أنها وقفت أمام الشاشة في موقع تصوير الفيلم حين أدّت ستيوارت أول مشهد لها بعد أن أصبحت مصاصة الدماء بيلا، وكانت تترقب النتيجة النهائية بقلق شديد.

قالت ماير فيما ادّعت ستيوارت أنها تريد مغادرة الغرفة كي لا تسمع الإطراء الذي ينتظرها: «كنا نحتفل وراء الكاميرات ونهتف: انظروا كيف انطلقت في هذا الدور! شعرنا بأننا تخلصنا من عبء ثقيل. لم تكن الشخصية مختلفة. كانت بيلا نفسها ولكن بخصائص مختلفة كلياً. كان الأمر مشوقاً جداً».

قد تساهم قدراتها الجديدة أيضاً في تبديد بعض التعليقات التي تعتبر شخصية بيلا سلبية وجامدة كونها شابة تبالغ في الاتكال على حبيبها لنيل السعادة، مع أن ماير وستيوارت ترفضان بشدة وجهة النظر هذه.

أوضحت ستيوارت: «لنقلب الأدوار. لو كانت بيلا مصاصة الدماء وكان إدوارد إنساناً عادياً، لما كنا سمعنا هذا النوع من الانتقادات. كان الجميع لينبهروا به لأنه يجازف بكل شيء لأجلها. إنه أمر مدهش ولا بد من التحلي بقوة هائلة لمواجهة هذا الوضع. فضلاً عن أن العلاقة متساوية بالكامل بينهما». ثم أضافت ماير: «هي تحصل على ما تريده». وتابعت ستيوارت: «كما أنها الشخصية التي تضمن استمرار النضال. لو كان الأمر يتوقف على إدوارد، لكان الثنائي استسلم منذ الفيلم الأول».

جدل واسع

صدرت رواية Breaking Dawn المؤلفة من 700 صفحة قبل بضعة أشهر من صدور فيلم Twilight الذي أخرجته كاثرين هاردويك في عام 2008. أثار الكتاب جدلاً واسعاً، حتى في أوساط أصدق المعجبين بمؤلفات ماير. لا شك في أن ولادة رينيسمي حدث مخيف، وقد اضطر كوندون إلى إدراج هذا الحدث بشكل حذر في الجزء السابق الذي كان مصنفاً لمن هم فوق سن الثالثة عشرة (تذمّر بعض القراء من إصرار بيلا على الاحتفاظ بالطفلة رغم المخاطر الواضحة على صحتها). ساد جدل أيضاً حول النهاية التي بدت ضعيفة ومخيّبة للآمال.

قالت ماير التي تعطي موافقتها النهائية على سيناريوهات أفلام Twilight: «كنت أشعر بالقلق من تحويل كتاب Breaking Dawn إلى فيلم. أرادوا تغيير أمور كثيرة. واجهنا مشاكل جدية».

دائماً ما تكون الأمانة للمراجع الأصلية المتعلقة بملكيات فكرية محبوبة مثل كتب Twilight مصدر قلق: عند المبالغة في تغيير أحداث الكتاب، يثور المعجبون غضباً حتى لو لم يحبوا ما طالعوه في البداية. لكن كانت ماير نفسها وكاتبة السيناريو ميليسا روزنبرغ التي كتبت سيناريوهات الأجزاء الخمسة هما من اقترحتا نهاية جديدة حين كانتا تتناولان العشاء في إحدى الليالي في فانكوفر أثناء تصوير الجزء الثاني بعنوان New Moon.

لن تكشف ماير ولا ستيوارت عن النهاية الجديدة طبعاً، لكن تظن ماير أن المعجبين سيحبون هذا التغيير.

يبدو أن الكاتبة ونجمة عملها لم تتحمّسا كثيراً لاستعمال حيلة رقمية لأجل إظهار شخصية رينيسمي التي تولد وفق أحداث الكتاب بحجم طفل طبيعي، لكن يكون نموها سريعاً نظراً إلى غرابة نسبها (تؤدي الممثلة ماكنزي فوي البالغة 12 عاماً دورها في الفيلم).

طُلب من ستيوارت في البداية أن تحمل دمية آلية بدل طفلة حقيقية في بعض المشاهد، لكن لم يحصل فريق العمل على النتيجة المرجوّة.

قالت ماير ضاحكة: «كانت من أكثر الدمى المخيفة والمرعبة التي يمكن رؤيتها على الإطلاق وكانت ميكانيكية. كانت الدمية تضغط على وجنتيها وتُمسك شعرها. أعدنا تصوير المشاهد كلها. في النهاية، لم نستعمل أياً من تلك اللقطات الأولية، لكن كانت تلك الدمية مرعبة بالفعل. أعني أن تلك الدمية قد تعود إلى الحياة وتقتل الناس».

أوضحت ستيوارت: «كان من الأفضل جلب طفلة حقيقية. ضيّعتُ فرصة حمل طفلة حقيقية. كنتُ أتوق إلى تصوير بعض المشاهد، لكني صُدمت بهذه الدمية. كان الأمر مرعباً».

في نهاية المطاف، استعمل المخرجون بعض التقنيات التي اعتمدها للمرة الأولى ديفيد فينشر وفريقه في فيلم The Curious Case of Benjamin Button لبث وجه فوي على فتيات أصغر أو أكبر مما تطلّبه السيناريو.

إسدال الستار

أصبحت ستيوارت وماير مستعدتين لإسدال الستار عن حقبة Twilight. لقد تعبتا من السنوات التي هيمنتا فيها على الثقافة الشعبية، لا سيما ستيوارت التي استسلمت لأضواء الشهرة مع أنها لم تعد مرتاحة نتيجة هذا الوضع.

ناقشت الكاتبة والممثلة رغبة الرأي العام في وضع المشاهير تحت المجهر بحثاً عن أي فرصة لمهاجمتهم واعتبرتا أن أخبار المشاهير التي تصدر على مدار الساعة هي آلية تدمّر الغموض الذي يلف أي نجم سينمائي.

قارنت ستيوارت هوس الناس بمعرفة أدق التفاصيل عن حياة المشاهير برغبتهم في مشاهدة فيلم آخر استناداً إلى حياة الممثلين الحقيقية، وتتضح هذه الظاهرة في المجلات والإذاعات وشاشات التلفزة. أصبحت المشكلة شخصية جداً بالنسبة إلى ستيوارت في الصيف الماضي حين نُشرت صور تظهر فيها الممثلة وهي تخون حبيبها باتينسون مع روبرت ساندرز، مخرج فيلم Snow White and the Huntsman الذي شاركت فيه ستيوارت.

قالت ستيوارت: «يكتب الناس نسخة سينمائية عن حياتنا ويستهلكونها بالطريقة التي يريدونها. أميل إلى الاستمتاع بهذه الظاهرة أيضاً، لذا يمكنهم متابعة ما يفعلونه. لكني أقول لهم: لم تعلموا شيئاً عن علاقتي سابقاً ولن تعرفوا عنها الكثير الآن. كيف لكم أن تعرفوا؟».

تتعاطف ماير مع وضع ستيوارت الصعب. قبل أن يسطع نجم أبطال الفيلم، كانت الكاتبة أبرز من واجه هذه المشكلة، فهي تعتبر نفسها منطوية وتنزعج حين تفكر بأن الناس يعرفونها حتى من دون أن يقابلوها.

بالنسبة إلى ماير، ستشمل حياتها بعد سلسلة Twilight أفلاماً أخرى: ستصدر شركة Open Road نسخة مقتبسة عن روايتها The Host في شهر مارس للمخرج والكاتب أندرو نيكول، وقد أنتجت حديثاً فيلماً مستقلاً خاصاً بها بعنوان Austenland وهو مقتبس من رواية صديقتها شانون هايل.

ستنضم ستيوارت من جهتها إلى بن أفليك في فيلم Focus حيث ستؤدي دور امرأة تقع في حب رجل مخادع.

تعترف ماير بأن أفكاراً عدة لا تزال تراودها حول حكايات جديدة في عالم Twilight، لكنها ليست واثقة من أنها تريد تدوينها وإعادة إشعال عاصفة من الحملات الدعائية وتسليط أضواء الشهرة عليها مجدداً. وقالت: «القصص موجودة، لكني لستُ واثقة من أنني أريد مواجهة تلك العاصفة مجدداً. قد أجمع من أعرفهم وأنا على فراش الموت وأخبرهم بما حصل في القصة: من يموت ومن يتحول إلى شرير... ثم سألفظ أنفاسي الأخيرة وينتهي الأمر».

أضافت ستيوارت: «يا لها من طريقة مثالية لإنهاء العمل!».

back to top