تسود البلاد حالة عامة من الغضب والهلع والتوتر، تؤثر بشكل واضح في قرارات وتصريحات الكثيرين ممن يعدون "قادة"، سواء في الحكومة أو البرلمان أو العمل السياسي بشكل عام. وأي قرار يتخذ تحت تأثير مشاعر حادة فهو عرضة للخطأ والزلل، وربما يضع صاحبه وتابعيه في خطر؛ لذا كان الذكاء العاطفي وضبط النفس والقدرة على التفكير والتخطيط المنطقي تحت الضغوط من أهم مقومات القيادة الناجحة.
والقيادي الفاعل مثل أعلى لجمهوره؛ إذ يجب أن يكون ذا قيم واضحة يلتزم فيها بإدارة أموره الخاصة والعامة، فلا يجوز مثلاً أن يطالب أو يتوقع تطبيق القانون ويقوم هو بخرقه أو بالانتقائية في تطبيقه، ولا يمكن أن ينشر ثقافة احترام حقوق الإنسان إن كان هو يميز بينهم ويختار أي حقوق يصون وأي مجموعة تتمتع بها دون الأخرى. فالمعايير المزدوجة والشعارات الفارغة والتناقض بين القول والفعل هي ما تضمن خسارة احترام الجمهور وثقته، خصوصاً في الأزمات، حيث لا يربطك بجماهيرك سوى ثقتهم بك.والأمل في القيادات الديناصورية شبه معدوم، ولكن الأمل في القيادات الشابة من شباب الحراك وغير الحزبيين منهم تحديداً حيث مستقبل الوطن، ولهؤلاء أناشدكم أن تضعوا مبادئكم نصب أعينكم ولا تهادنوا... افهموا حقوقكم ولا تتنازلوا عنها، وراعوا واجباتكم ولا تساوموا فيها، ولتستفيدوا من تجارب غيركم وأخطائهم في تاريخ الكويت البعيد والقريب مثل "دواوين الاثنين" و"نبيها خمسة" و"إلا الدستور"، ومن التجارب المحيطة بنا حالياً في مصر والبحرين وسورية وغيرها، فمع اختلاف الأزمان والظروف والأهداف، فإن هنالك دروساً ثمينة يمكن تعلمها لتلافي إعادة التاريخ والوقوع في نفس الأخطاء.عزيزي: في هذه المرحلة الحرجة تحديداً مطلوب منك الهدوء والحوار الموضوعي مع زملائك قبل الآخرين، فلا تفترض ولا تعتمد أن الجميع على نفس الدرجة من الاستيعاب أو الاتفاق، ولا تستثقل طلب النصيحة من الخبراء والمختصين، وفرِّق بين الرأي والمعلومة، واستخدم فكرك النقدي في تحليل ما تسمع، وابتعد عن تأليه الرموز واتباعهم دون تفكير، ولا تأخذك العزة بالإثم.ثم حدد أنت وزملاؤك مطالب تحرككم بشكل واضح ومكتوب، واتفقوا على ما هو السقف الأعلى الذي لن نتجاوزوه، وما هو الأدنى الذي لن نقبل بأقل منه. خطّط كامل المسيرة قبل الإقدام على أي خطوة، وحضّر خطة بديلة لأي سيناريو متوقع من الطرف الآخر.تحرّك مع من يتفق ومطالبك ولو آنياً، ولكن احرص على تمييز مجموعتك وعزلها عن التيارات السياسية الأخرى وأجنداتها حتى لا تختطف تحركك بعيداً عن غرضه أو تجعلك أسيراً لها، واتفق مع الجميع على آليات العمل، ما هو المقبول منها وما هو المرفوض تماماً؟ هل سنعمل في إطار القانون؟ أم الدستور؟ أم خارجهما؟ هل نعي التبعات؟ هل نحن على استعداد لندفع الثمن؟ هل يعي ويتفق جمهورنا على المخاطر؟ ففي القيادة مسؤولية أخلاقية وقانونية تجاه النفس والآخرين يجب عدم الاستهانة بها... فما بالك إذا كان الآخر شعباً كاملاً؟
مقالات
«لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك» (2)
26-10-2012