الإذلال الذي يتعرض له أي فرد غالباً ما يكون نابعاً عن تخاذله ورضاه، لأن الله خلق الإنسان بخيارات كثيرة ليحمي نفسه من الذل والاستغلال، ولذا فإن ما تفعله السفارات الأوروبية من استغلال للخليجيين وإذلال لهم عند استخراج سمة الدخول لها (الفيزا) هو نتيجة تخاذلنا وسكوتنا عن استغلالهم لنا، وأحياناً "الاستهزاء" بنا رغم المنافع الاقتصادية الكبيرة التي تحققها تلك الدول من الزائر الخليجي الذي يتجاوز إنفاقه، والليالي السياحية التي يقضيها في أوروبا، السائحين الياباني والأميركي الأكثر سفراً حول العالم.

Ad

ربعنا الكويتيون في الدواويين يهيمون عشقاً بإسبانيا والدوري الإسباني والمنتخب الإسباني، بل إن البعض منهم اقترح جمع تبرعات مالية للمملكة الإسبانية بعد انتشار أنباء الأزمة الاقتصادية هناك! لكنه عندما يفكر أحدهم في الحصول على "فيزا" للسفر إلى هناك يتحول إلى فريسة للاستغلال عبر رسوم مبالغ فيها ومعاملة غريبة تصل أحياناً إلى حد الإذلال لاستخراج الفيزا، بل إن البدعة الجديدة هي أن السفارات الأوروبية تُوكل بموافقة ورضا وزارة الخارجية الكويتية إلى مكاتب تجارية استقبال طلبات استخراج سمات الدخول الأوروبية مقابل مبالغ مالية لا تقدم مقابلها أي خدمات مناسبة في مواقع مزدحمة ومكاتب ضيقة، حيث يجبر المواطن عبر السفارة الأوروبية على دفع مبلغ يصل إلى عشرة دنانير عن كل فيزا.

الغريب أن عملية الإذلال تتنوع كما يحدث في السفارة الإسبانية، التي توزع جوازات العائلة الواحدة على عدة أيام متفرقة، وأحياناً أسابيع، رغم تقديمها في نفس الموعد، والسفارة الألمانية، الذي يرفض موقع تابع لها استقبال طلبات الفيزا ليومين دون سبب، وحكم "قرقوش" لمكتب خاص بسفارة أوروبية أخرى يطلب من مواطن كويتي لمنحه تأشيرة سياحية دفع كل أجرة الفندق مدة شهر رغم إيضاحه لهم أنه قد يغير السكن بعد عدة أيام إذا لم يناسب عائلته، المهم أن سفارات الاتحاد الأوروبي في الكويت وفي الدول الخليجية يعاملوننا بشكل مذل واستغلالي، رغم أننا لا نشكل أي ظواهر سلبية في أوروبا في ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية أو الجرائم وخلافه.

القضية ببساطة أننا خليجيون يتم استغلالنا... فيضعون مكاتب تجارية تحصل منا أموالاً وعندما نستفسر عن مصير جوازاتنا ومتى سيتم إنجازها يردون لا نعلم ولا نستطيع منحك أي معلومة، فالأمر خاص بالسفارة، ونحن شركة تجارية! وعندما تطلب منهم إيصال جواز السفر إلى عنوانك يرفضون... إذاً بأي صفة ومبرر يتم تحصيل الأموال الإضافية منا؟... أنا أعلم أن السفارات الأوروبية التي تعاملنا بعنجهية لن ترد على تلك التساؤلات غالباً وستتجاهلها، رغم أنها تجني مبالغ طائلة من رسوم التأشيرات في المنطقة، لكنها لا تريد أن تزيد موظفيها ولا أن تستأجر مباني أكبر لتقديم خدمات أسرع وأفضل للمواطن الخليجي، وكل مقراتها مؤجرة ولا توجد لهم مبان دائمة كبقية الدول، لذا هي توكل المهمة لمكاتب تجارية تريد هي أيضاً بدورها أن تربح فتستأجر مكاتب صغيرة وعدد موظفين محدوداً في ممارسة منتشرة في المنطقة... ويرضى الخليجي والكويتي باستغلاله ولا ترفض وزارات الخارجية الخليجية بالوضع ولا تعترض على الرسوم التي يتم فرضها على رعاياها مقابل خدمة سيئة وشروط تعسفية، إذ إن حق إصدار التأشيرات محصور بالسفارات، ولا توكل لشركات تجارية برسوم إضافية إلا بموافقة الدولة المضيفة.

أنا أعلم أن حالة الإذلال للسفارات الأوروبية وشروط فيزا شينغن التعسفية في ما يخص السكن وخلافه لن تتوقف أو تعدل إلا بردة فعل شعبية، فهناك عشرات البدائل للوجهات السياحية متوافرة للخليجيين مثل أستراليا التي تصرف التأشيرة عبر الإنترنت والولايات المتحدة التي تمنح تأشيرة دخول تمتد عشر سنوات، وبعض دول شرق أوروبا وآسيا وإفريقيا، أما إذا استمرت حالة "الشحاطة" والخنوع الخليجية لباريس وبرشلونة وميونيخ فأبشروا بيوم سيضع الأوروبيون شروطاً تعجيزية وأوجهاً جديدة لإذلال الخليجيين للحصول على "شينغن"، وبالنسبة لي سأبدأ بنفسي وسأتعهد بعد تجربتي الأخيرة مع السفارة الإسبانية، وما شاهدته وسمعته من شكاوى المواطنين هناك بأنني لن أتقدم مرة أخرى في حياتي للحصول على "فيزا" أو زيارة هذا البلد، وأرجو أن يفعل كل مواطن وخليجي يمر بتجربة استغلال وإذلال في أي سفارة أوروبية.