من بين الحكايات التي تداولتها النساء من جارات الوالدة قديماً، واحدة تقول إن فتاة توفيت ودفنت. وعند العودة من الدفن اكتشف والدها أن مفاتيح سيارته قد سقطت في القبر فعاد لأخذها، ليجد ناراً تشب وسط القبر، وتمشي تحديداً حول خط معين على جسدها، وهو المكان الذي يقع فيه السحاب الذي يربط الفستان إشارة إلى عقوبة حلت بالفتاة، لأنها داومت على لبس فستان بسحاب، وفي رواية أخرى المكان الذي يحدد مسار المشد الصدري، وعندما ذهب والد الفتاة للشيخ يسأله، قال له: إن ذلك بسبب أن ابنتك تلبس مشداً صدرياً أو تلبس ثوباً بسحاب. هذه الحكايات التي كان النساء يتداولنها كانت تريد أن تربي النساء والفتيات أمثالنا بنهيهن عن لبس المشدات الصدرية والفساتين ذات السحاب. بطبيعة الحال اختفت هذه الحكايات مع اختفاء الحكم الفقهي الذي شدد على تحريم المشدات والسحاب، وقد يقول الناس عن حكايتي هذه إنها أقرب إلى الخرافة، لكنني للأسف عشتها وسمعتها واقتنعت بها جاراتنا وقتاً طويلاً وبحرمة المشد والسحاب.
هذه الحكايات التي تعمدت بث الرعب في النفوس كشكل من أشكال التربية عادت للانتشار في أوساط الفتيات والنساء لكن بسيناريوهات مختلفة قليلاً. فبعد السماح للشباب بدخول الأسواق التجارية (من قبل كان لابد للشاب أن يكون بصحبة زوجته أو أمه أو أخواته كي يدخل سوقاً وقيل حتى البقالات الكبرى)، انتشرت حكاية تقول إن شاباً كان يمشي في السوق فتبعته امرأة وسألته هل تريد بناتاً؟ فتبعها لأن الإجابة معروفة طبعاً، فاصطحبته إلى منزل بعيد وقدمت له شابة صغيرة للمتعة، لكن هذه الشابة الصغيرة أخذت تبكي وتقول إن عصابة لخطف الفتيات قد خطفتها وطلبت منه أن ينقذها. القصة توسلت كل القيم الإنسانية الرفيعة، فقد أنقذ الشاب الصغير الفتاة، لكن القصة في النهاية حذرت المجتمع من خطر دخول الشباب الأسواق بعد أن بينت أن خطيئة الشاب الكبرى تتمحور في أنه دخل سوقاً تجارياً لا لأنه تبع امرأة تعمل في سوق الدعارة السرية، ولم تحذره من الاستجابة لإغراء العصابات السرية التي تبيع الدعارة والمخدرات.هذه القصة هذه المرة لم أسمعها من جارات أمي بل من زميلات الواتس آب والبلاك بيري خريجات الجامعات والصالونات المدنية. زميلتي التي بعثت لي بهذه العينة من القصص المنتشرة تقول إنها اتصلت بالمرسلة تعاتبها وتطلب منها ألا تكون طرفاً في ترويج هذه الحكايات الساذجة، وعليها أن تكون مسؤولة عما ترسله، فردت عليها مروجة الحكايات، إن عليها أن تأخذ الأمور بطرافة وألا تتعامل معها بجدية. لسوء حظي وكعادتي أنا من أخذ هذا الأمر بجدية. فقلت لو أن جيمس جوبز سمع هذه الحكاية التي تتداول عبر هاتفه الذكي لقام من قبره يلطم.
أخر كلام
حكايات بواسطة ستيف جوبز
30-06-2012