الإعدام في الحملة الإيمانية
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
كانت عودتهما غريبة حللتها في مقال سابق، وكان صدام قد أعلن أنه عفا عنهما، لكنه في الوقت نفسه أبلغ عشيرتهما بأن عفوه عنهما إنما يسقط حق الدولة، لكنه لا يسقط حق العشيرة التي أساءا إليها بفعلتهما. وفعلاً قامت مجموعة بقيادة علي حسن المجيد بتطويق منزلهما، وجرت معركة ضروس قاوم فيها الأخوان مقاومة عنيفة، وكان معهما بعض من أهليهما كوالدهما وأختهما التي شاركت هي أيضاً في صد الهجوم، وانتهت العملية بالطبع بمقتل كل من كان بالمنزل، ويقال إن عدي صدام ذاته كان موجوداً في المكان وإنه هو الذي أطلق الرصاصة الأخيرة على رأس حسين كامل بعد أن دعس على رجله بالحذاء، حيث كان العداء بينهما معروفاً ومستفحلاً. أطلق صدام على تلك الحادثة لقب "الصولة الجهادية"، كما أطلق على من ماتوا فيها "شهداء الغضب"، وأمر بإقامة نصب تذكاري لأولئك الشهداء. وهكذا فإن خزين الاصطلاحات يبدو أن له معيناً لا ينضب وكذلك نمط الإعدام.في ذات إطار الحملة الإيمانية تقدم الرئيس القائد، كما كان يطلق عليه، بـ"مكرمة" هي عبارة عن استبدال الإعدام للفارين من التجنيد بعقوبة قطع الأذن اليسرى من الصيوان، فإن تكرر الهروب تقطع الأذن اليمنى، فإن تكرر الهروب للمرة الثالثة يتم وشم الفار على الجبهة، وطبعاً إن فر للمرة الرابعة يتم إعدامه، ولذا تم تسمية عقوبة قطع الأذن بالمكرمة.وكنت مع فريق منظمة العفو الدولية قد أجرينا العشرات من المقابلات مع ضحايا تلك المكرمة، كان ذلك خلال مهمتنا الإنسانية حينذاك لرصد مدى التزام قوات الاحتلال بمبادئ القانون الدولي الإنساني، وأعترف أنها كانت مهمة صعبة للغاية وإن استطعنا خلالها كشف وتوثيق ونشر الكثير من تجاوزات قوات الاحتلال الغربية بحق المدنيين وهكذا تتغير البلاد سياسياً من يمين إلى يسار، ومن بعث علماني إلى بعث إيماني، إلا أن الإعدام وإزهاق أرواح الناس يظل الأداة القاصمة لظهر المجتمع، وللحديث بقية.