بعد 22 عاما على ذكرى الغزو العراقي للكويت، يأتينا مسلسل ساهر الليل ليذكرنا بهذه الأيام، كنا أطفالاً وبعضنا لم يولد بعد، وآخرون كانوا شبابا وكبارا، عاشوا تجربة الغزو كل على طريقته.

Ad

فاجأنا فهد العليوة هذا الكاتب الشاب الذي لم يتعد عمره الثلاثين عاما، بأنه جعل من مسلسل "ساهر الليل" الذي اشتهر بكتابة أجزائه عن حقبة تاريخية معينة في كل رمضان بأن عمله لهذا العام يمثل حقبة التسعينيات وتحديدا الغزو العراقي.

فاجأنا هذا الشاب الذي كان طفلا في تلك الفترة بأنه اجتهد ووثّق الكثير من أحداث الغزو، ورغم جميع ما قيل عن المسلسل وعن عدم تطرقه لجوانب الغزو كاملة، وتفرغ البعض للأخطاء الإخراجية، فإنه يجب أن ينال حقه، إذ إنه المسلسل الوحيد الذي تكلم عن الغزو منذ سنوات طويلة من الصمت والتناسي لهذا الموضوع، وكأنهم يردوننا أن ننسى ما حدث في 2 أغسطس 1990 في الكويت.

استطاع العليوة أن ينقل جزءاً من معاناة الكويتيين ودور المرأة في المقاومة، وتم ذكر أهم أسماء الشهداء الذي إن لم يخلدهم التاريخ فسيخلدون في قلوبنا، وتطرق لدور المملكة العربية السعودية في مساعدة الكويت والكويتيين، ودور دول الخليج وبعض الدول العربية.

عمل درامي واحد لن يستطيع أن يتناول هذا الحدث من كل جوانبه، لأنه يحتاج إلى إنتاج أضخم وأكبر، وبعد النجاح الذي حققه (ساهر الليل وطن النهار) هذا العام، أتمنى أن تنفتح قريحة الكتّاب والمنتجين والمخرجين لعمل مسلسلات وأفلام تتناول جوانب مهمة حدثت أثناء الغزو العراقي على الكويت، كحال المستشفيات وما حدث للأطفال الخدّج أثناء الغزو، وكيف تلقى الكويتيون خارج الكويت الخبر، وكيف تشكلت الحكومة المؤقتة؟ وما مدى التعتيم الإعلامي الذي قام به النظام العراقي آنذاك، والعديد من الأحداث المهمة.

أشياء وتفاصيل كثيرة حدثت في تلك الفترة تصلح أن تتم كتابة مسلسلات وأفلام عنها لأعوام قادمة, ولا يمكن أن ننكر دور الدراما في إحياء هذه الذكرى، لأنه منذ سنوات لم تمر ذكرى الغزو كما مرت علينا هذا العام بكثير من الوطنية وباستذكار سيرة وأسماء شهدائنا وأسرانا الذين ضحوا بكل بسالة عن أرواحهم فقط لترجع لنا الكويت وطنا حرا.

أتمنى ممن يثيرون الفتن ويلعبون على وتر الطائفية والقبلية اليوم أن يسترجعوا دوما ذكرى الغزو، وكيف تكاتف الكويتيون آنذاك حين كان الوطن مغتصباً ومنتهكاً، والآن نعيش الرخاء والاستقرار لكننا لا نملك الأمان والسبب يرجع إلى أننا نسينا أنه في يوم كاد الوطن أن يسرق منا ولا يعود.

نحتاج إلى وقفة مع الذات ونحتاج إلى تعريف هذه الأجيال بما حدث، ويستحق شهداؤنا شوارع ومباني حيوية بأسمائهم حتى لا ننساهم.

قفلة:

سامحنا وتسامحنا مع العراقيين، هم إخوة وجيران رغم كل شيء، ولربما ما حدث في الكويت أحرجهم، لكن لا يمكن أن نغير مسمى الغزو العراقي إلى الغزو الصدامي ونمحو تفاصيل في التاريخ، هكذا وبكل بساطة!