تحاكي ندوة "أفق آخر للسرد" ضمن فعاليات معرض الكويت للكتاب الواقع، مختزلة مشاهد وأحداثا يعانيها الإنسان راهناً، ممزوجة بالهم الذاتي وتنطق بضمير المتكلم، قرأ المشاركون في الأمسية وهم نورا بوغيث وخالد النصرالله وعمرو حويلة وريما إبراهيم نصين لكل منهما، وأدارها الكاتب شريف صالح.

Ad

بداية، قرأ القاص خالد النصرالله نصا بعنوان "الوزير" يسرد فيه حكاية مستوحاة من الواقع، مبحراً عبر أكثر من فضاء وعالم خلالها، ومن أجواء النص: "في منزل الصديق، أجلس في أريكة، ورائحة بخور تنبعث من ركن قريب، وأحاديث متداخلة كثيرة، وبضعة أصدقاء ومعارف وشخصيات محلية متداولة، والصديق رآ‍ني عند الدخول ثم ضاع بين المتلقفين من الحضور، أراه ذهابا وإيابا في المكان، في اللحظة ذاتها تفعل القصة في رأسي كما يفعل الصديق، تبدأ أحداثها عند فتاة تقف أمام "فاترينة" لمحل ملابس نسائية، بعباءتها التي تعلق بها بعض الأتربة، لكن الوزير تأخر عن موعده، تتجاوز الساعة الآن السابعة والعشرين دقيقة، وكان أن بعث إلى الصديق برسالة هاتفية مفادها بأن الموعد في تمام السابعة، أحد الحضور يقبل، أنهض لمصافحته، يسأل: بشرّنا.. هل من نص جديد؟ فأجدني ارتبك دون مدعاة لذلك: هناك بعض المحاولات".

ثم قرأ خالد النصرالله نصا آخر بعنوان "لا ينتظر إدراكا"، وتدور أحداثه حول امرأة ترقد في المستشفى، مركزا على اللحظات الأخيرة لمشهد الموت الذي ستعقبه مراسم الدفن، وقدم نصاً مكثفاً يركز فيه على تفاصيل الحكاية متتبعاً تلك اللحظات العصيبة.

وبدورها، قرأت القاصة نورا بوغيث من مجموعتها القصصية "همسات نافذة" نصا بعنوان "ثمن مدفوع" تركز على البحث عن الحقيقة وكشف بؤر الفساد والعمل على تطهير المجتمع من براثن الجريمة، ومن أجواء النص: "وهي تستقبل أولى أيام العمل، صدى يصم الآذان، صورة صاحبة متربعة بالذاكرة يحذر: مهنتنا جميلة لكنها لا تخلو من الخطر... كوني حذرة. الانتظار وزنه ثقيل، قبل لقاء ذلك المصدر السري، عرقها يتصبب، وهي تسرق القرص الممغنط... تركض تختبئ. رنين هاتف... المتصل يهدد، كل مرة تقول في نفسها "التهديد يعني ضعفه".

ثم قرأت نصا آخر بعنوان "قضبان بنيناها"، تنتقد فيه الواقع وتفكك النسيج الاجتماعي، محذرة من وقوع المحظور. عقب ذلك، قرأ القاص عمر حويلة نصا بعنوان "يوم غائم"، ومن أجواء النص: "لم ينتبه لوجودي إلا عندما كنت أحملق في حذائه المصنوع من إطار السيارات (الكاوتشوك)، وكانت قد تصاعدت لأنفي رائحة احتكاكه بالأسفلت الملتهب..! نظر بعينيه المنحرفتين إلى اليسار، أدرت ظهري، فتشت في جيبي، لم أعثر إلا على تلك العملة المعدنية، تأملتها قليلا، مسحت وجهيها، كان علي أن أضربها في عشرة أمثالها وأدسها في الدرج لهذا الخنزير القابع خلف المكتب، لعلي أنهي ما لم أستطع إنجازه.

كما قرأ الحويلة نصا آخر بعنوان "الشباك الأخضر"، مسترجعا بعض تفاصيل ذكرياته، منتقيا نصين ناطقين بضمير المتكلم هادفا إلى إدخال القارئ ضمن حكايته.

أما القاصة ريما إبراهيم فقرأت نصين هما "أشباح" و"جريمة عطر"، ومن أجواء الأخير: كان العطر الذي يفوح في المصعد كلما دخلته صباحا يوترني، يفاجئني قليلا، أعترف أنني أتنشق شذاه براحة، وأحسد في قرارة نفسي صاحبته على ذوقها الأخاذ في اختياره، ولكن التوتر سرعان ما يتسرب إلي عبر حاسة الشم، فانتظر أن أخرج من المصعد مسرعة، وأركض إلى ساحة البناية لأرى صاحبته، ولم أوفق في ذلك بعد، أدركت ذات مرة أن العطر غالي الثمن، حينما رشته على يدي بائعة في مجمع تجاري، فعرفته فورا، وأنفقت ليلتي يومها في تنشق ما بقي منع على طرف قميصي.

وعقب ذلك، فتح باب النقاش، وقد أثارت النصوص تساؤلات كثيرة، تشدد على ضرورة احتضان الشباب وتشجيعهم، وبدوره، امتدح الناقد فهد الهندال مستوى الأعمال، مبينا أن مشاركة نورا بوغيث وخالد النصرالله تميزتا بالعمق الإنساني الجميل، كما، تساءل القاص بسام المسلم عن سبب انتقاء قصص تتحدث بضمير المتكلم.