في انتظار لحظة فشل كبرى!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
هذا المشهد العام المتدهور على كل الصعد، تشابكت خيوطه اليوم إلى الحد الذي صار يستعصي على الحلول البسيطة المباشرة، وصار يتطلب قرارات صعبة، بل مؤلمة، وتغييرات وحلول معقدة متعددة تشمل كل المستويات. إلا أن هذا، وكما هو واضح من متابعة حراك المشهد وطريقة تفكير وتصرفات من يديرونه، لا يبدو متاحاً ناهيك عن أن يكون قادماً في القريب، وذلك لأسباب عديدة ليس هنا متسع لتناولها. في السنوات الماضية، وقد كتبت عن هذا كثيراً وتحدثت عنه في أكثر من محفل، كنت أُمنِّي النفس عند وقوع أزمة كبرى في الكويت أن تكون هي نقطة "القاع" الأخيرة التي كنا بحاجة إلى الوصول إليها كي يحصل الارتداد نحو الأعلى، لأكتشف بعد ذلك أنه لاتزال هناك نقطة أكثر انحداراً وأن هناك قاعاً أعمق وأزمة أشد ضراوة في الأفق. واليوم ومع كثرة الأزمات والانحدارات والقيعان، آمنت ألا حدود للانحدار الممكن والتدهور المحتمل، وأن المستقبل لن يتوانى عن إخراج مفاجآت وأزمات جديدة من جيبه، لهذا فما عدت أعول على أي أزمة مهما بدت عاتية وضاربة في حينها لأن تكون هي "لحظة" الوعي المرتقبة لإدراك خطورة ما يجري من تدمير، يبدو وكأنه مبرمج ومخطط له للإتيان على هذا البلد عن بكرة أبيه. وصرت، عوضاً عن ذلك، أؤمن بأننا نحتاج إلى لحظة "فشل" كبرى أو "كارثة ساحقة"، مهما كانت أليمة جداً وقاسية، لتكون كافية لإيصال رسالة كطعنة نافذة لكل أطراف هذا الصراع العبثي المستمر بأن الأمور ما عادت تحتمل أكثر، وأنها النهاية التي ستعم وستطحن الجميع بلا استثناء حقاً، وألا منجى منها إلا بالتخلي عن كل هذه الصراعات التي ستبدو هامشية وساذجة آنذاك، وهي كذلك فعلاً، لأجل إنقاذ هذا البلد.لحظة فشل كبرى أو كارثة ساحقة مترعة بالألم الضارب والذهول الكبير كذلك الذي شعرت به الكويت يوم حصل الغزو، لا أعاده الله علينا.أدرك أن السطور أعلاه قاسية جداً، وقد لا يتقبلها، وربما يهاجمها كثير منكم، ولكنها حقيقة ما أؤمن به، وهو خلاصة ما سمعته وخرجت به من حوارات عديدة مع مجموعة من خيرة عقول هذا البلد، وليس في مثل هذا الأمر مجاملات أو "تزويق".