كيف ومن ستختار؟
هذا آخر مقالات هذه السلسلة، فغداً تبدأ فعلياً الانتخابات للمصريين في الخارج، وبعد 10 أيام تبدأ الانتخابات داخل مصر، ولن يصبح للحديث عن الانتخابات أي قيمة بعد ذلك، فكما نقول في مصر "بعد العيد مينفتلش كحك"، لذلك سأحاول في هذا المقال الإجابة عن آخر وأهم وأخطر الأسئلة... من ستختار؟عادة ما يتبع الناخب طريقة من ثلاث لاختيار مرشحه، الأولى: يختار بناء على شخصية المرشح وبرنامجه واقتناعه به، وللأسف لم تتح الفرصة وسط الأحداث المؤسفة والمتلاحقة، التي عاشتها مصر في الأسابيع الأخيرة، للمرشحين لعرض برامجهم، ولا للناخبين لمتابعة ما عرض منها ومناقشتهم ومن ثم الاقتناع أو عدم الاقتناع، لذلك سيقتصر الأمر- تبعاً لهذه الطريقة- على الهوى والحب الشخصي للمرشح أو كرهه.الثانية: هي طريقة الاختيار بالاستبعاد، وهي أشبه في الطب بأسلوب التشخيص عن طريق النفي أو الإقصاء، فأحياناً يضع الطبيب عند سماع شكوى المريض احتمالات عدة للتشخيص، ثم يبدأ في استبعادها واحداً تلو الآخر إلى أن يصل إلى التشخيص الذي يطمئن إليه، تماماً كالناخب الذي يضع أمامه الـ13 مرشحاً للرئاسة ثم يبدأ في استبعادهم واحداً تلو الآخر إلى أن يستقر على من يختار.الثالثة: يشعر الناخب بأن جميع المرشحين لا يستحقون الرئاسة، لكنه مضطر إلى اختيار أحدهم فيختار "أحسن الوحشين"، وهي عبارة نسمعها كثيراً، فإذا سألت ناخباً من ستختار؟ يجيبك: كلهم سيئون. تسأله ولكن لمن ستصوت؟ يرد عليك: فلان. تسأله لماذا؟ يجيبك لأنه "أحسن الوحشين".هذه هي طرق الاختيار الثلاث التي يلجأ إليها الناخبون لاختيار مرشحهم، أما إذا أردنا الحديث عن المرشحين أنفسهم فإننا نؤكد حقائق عدة:* الخلفية الإسلامية التي يتحدث عنها البعض لا معنى لها، فلا يمكن لأحد أن يتخيل وجود مسلم دون خلفية إسلامية، فان يقول شخص إن مرشحه ذو خلفية إسلامية فإنه لم يضف شيئاً أو يأت بجديد، لكن الأصح الحديث عن المرجعية السياسية الإسلامية.* الفكر هو خلاصة فلسفة وتاريخ وثقافة شخص تبلورت في اتجاه ما فصار فكراً، وبالتالي لا يمكن أن يتغير الفكر بين ليلة وضحاها، ولا يمكن لمرشح عاش حياته كلها صاحب فكر اشتراكي ويساري- مثلاً- أن يأتي فجأة وينادي بمشروع نهضوي إسلامي أو عكس ذلك، فمحاولة البعض خداع الناخبين بأنه تخلى عن فكره وجماعته من أجل مدنية الدولة هو حديث مشكوك فيه بقوة.* حديث أحد المرشحين "إذا حدث تزوير فستكون هناك ثورة ثانية" غير مفهوم، وإن كان المرشح معلوم والثورة معروفة، فما مفهوم التزوير لدى سيادته؟ هل يعتبر فوز أي مرشح غيره تزويراً؟ إن كان ذلك فمن حق الآخرين أن يعتبروا فوزه هو الآخر تزويراً... اهدأ قليلاً يا عزيزي.* الجمع بين رئيس وزراء مبارك الأخير ووزير الخارجية السابق الذي سعى مبارك لإبعاده هو جمع للمتناقضين، فكيف يمكن الجمع بين من أحبه مبارك فقربه وبين من كرهه فأبعده؟* محاولة حزب إسلامي استغلال الأحداث الأخيرة بين السعودية ومصر لإضافة نقاط إلى مرشحه محاولة مكشوفة وفاشلة لن ينخدع بها الناخبون.* الخلاف الإسلامي - الإسلامي يبدو ظاهرياً أشد من الاختلاف الإسلامي الليبرالي، لكن عند الصندوق سيختلف الوضع بالتأكيد.وفي النهاية فهل من حق القارئ أن يعرف من سأنتخب؟ بالتأكيد نعم.أقولها بكل وضوح سأنتخب مرشحاً ذا خلفية (كما يقولون دائماً)- ليست مرجعية سياسية- إسلامية، ولم ينتم يوماً إلى جماعة أو حزب إسلامي، ويؤمن بمدنية الدولة وليبرالية السلطة، وصاحب فكر ناصري قومي.هل عرفتموه؟
مقالات
الانتخابات الرئاسية (5)
11-05-2012