حرب على جبهتين!

نشر في 16-10-2012
آخر تحديث 16-10-2012 | 00:01
تعشمنا أن يتصدر البعض من أصحاب المواقف الوطنية الثابتة عبر تاريخهم السياسي ممن لهم مصداقية عند الجميع ليشقوا ما يمكن وصفه بالصوت الثالث، حتى لا يختطف المشروع الوطني بما يحمل من مبادئ حماية الدستور من العبث، ويحمي المال العام المستباح، ويجسد الوحدة الوطنية عملياً بالقول والفعل.
 د. حسن عبدالله جوهر   أشعر كغيري من أغلبية الكويتيين المحايدين والموضوعيين في تحليل الأحداث السياسية والمواقف منها، بأننا حشرنا وسط كماشة يمتلك كل طرف منها الصوت العالي، وتسخر له أبواق الإعلام، وهو قادر على الحشد الجماهيري من خلال الفزعة والعاطفة.

وكما أن هناك أشخاصاً يسمون البدن في تصريحاتهم وأسلوبهم الغوغائي وأحياناً الصبياني فيما يعرف بمعسكر المعارضة، هناك أيضاً من لا يمكن أن ينزل إلى "زورك"، خصوصاً من يحاول تقليد النبرة العالية وأسلوب الشتم والاستهزاء الرخيص.

ومن المفارقات، ولعل من سخريات القدر، أن تجد شخصيات من نواب سابقين ورموز إعلاميين وحتى التيارات السياسية ليسوا في مواقعهم الحقيقية من تطورات الأحداث في السنوات الأخيرة، وهذا ما أدى إلى إرباك الخارطة السياسية وخربطتها بالكامل.

وطالما طالبنا وتعشمنا أن يتصدر البعض من أصحاب المواقف الوطنية الثابتة عبر تاريخهم السياسي ممن لهم مصداقية عند الجميع ليشقوا ما يمكن وصفه بالصوت الثالث، حتى لا يختطف المشروع الوطني بما يحمل من مبادئ حماية الدستور من العبث، ويحمي المال العام المستباح، ويجسد الوحدة الوطنية عملياً بالقول والفعل، ولكن يبدو أن هذا المسار صعب ومستصعب على الكثيرين طالما كان كرسي البرلمان يطل برأسه كل سنة أو سنتين، ولا يمكن أن يظفر به إلا من خلال الصخب وتهييج العواطف والركوب على موجة الطائفية أو القبلية أو الفئوية.

ولهذا فقد تكون الخيارات أقل وبالتأكيد أصعب، ومنها على سبيل المثال الحرب على جبهتين في وقت واحد، خصوصاً في الظروف الحالية: الجبهة الأولى هي معركة الإصلاح بكل ما يعنيه من معنى، ويشمل فضح حرامية أموال الشعب ومحاسبتهم، وسد الثغرات التشريعية من أجل خلق دولة القانون والمؤسسات، والوقوف كشوكة في بلعوم من يحرّض على العبث بالدستور ومصادرة حق الناس في الشراكة السياسية، ومنها التلاعب بقانون الانتخابات الحالي الذي كسب شرعية السلطات الدستورية الثلاث، إذ قدمته الحكومة وصادق عليه البرلمان وحصنته السلطة القضائية، مع الحق الكامل بكل صور الاعتراض السياسي لإيصال الغضب الشعبي من هكذا تلاعب وعبث في شؤون الدولة.

أما الجبهة الأخرى فهي أيضاً التصدي وبحزم لمحاولات تفتيت المجتمع والعبث أيضاً بالنسيج الكويتي، وإشغال بعض فئاته ببعض، إضافة إلى الخطاب الذي أصبح مقززاً ومكروهاً، ولهؤلاء نقول إن النقد قد لا يكون له سقف، ولكن الشتم والسباب ليس من شيمنا ولا يتوافقان حتى مع المبادئ السياسية والدستورية والقانونية التي نطالب بها، وأذكّر السبابين الجدد بأسلوب وطرح رموز كانوا شوكة في حلق أعداء الديمقراطية أمثال جاسم القطامي، وسامي المنيس، ومحمد الرشيد، وأحمد الشريعان ووليد الجري ومرزوق الحبيني، فكلامهم كان كالسم في بدن البعض لكنه كالبلسم عند الجميع.

أما التطاول على مقام سمو الأمير فقد يكون ضمن سياق خلط الأوراق، وحتى تعطيل المشروع الوطني الجديد من قبل البعض عفوياً كان ذلك أم غباء سياسيا، وليس أبلغ من نصوص الدستور والقانون لمعالجة هذا الخطأ، وليس بأسلوب التملق والنفاق السياسي، فمحبة الأمير واحترامه يجب أن تعكسهما السلوكيات والأمانة في العمل والموقف، وليس أيضاً قفزاً من أجل أصوات انتخابية!

back to top