رامز جلال ممثل «صاخب» يمكن النظر إليه باعتباره {المُهرج الظريف»، الذي بدأ مسيرته، كالمئات غيره، بالظهور على الشاشة في شخصية «صديق البطل» أو «السنيد»، بلغة الفن الذي يُرفه عن البطل، ويُسري عنه في المحن. وشيئاً فشيئاً تولدت لديه، ولدى المنتجين، قناعة بأن من حقه أن يكون بطلاً... ففعل!

Ad

لم يختلف أسلوب رامز جلال في الأفلام التي قام ببطولتها منفرداً مثل {أحلام الفتى الطايش» (2007) و»شبه منحرف» (2008)، باستثناء أن مساحة «التهريج» زادت و{الإفيهات» طالت، وصار يصول ويجول منفرداً، قبل أن ينتفض عام 2009، ويُقدم فيلماً لا تغيب عنه روح المغامرة يحمل عنوان «حد سامع حاجة».

من هنا كان المتوقع أن يمضي «رامز» في طريق التجريب والمغامرة والتجديد حتى النهاية، لكنه عاد إلى الوراء في فيلمه الجديد «غش الزوجية»، الذي فقد فيه طزاجته وحيويته وخفة ظله، وبدا مجرد «رد فعل»، ومنفعلاً ومتصنعاً غالباً!

في «غش الزوجية»، وكما هي عادة السينما المصرية، يُقدم السيناريست لؤي السيد قصة ابن رجل الأعمال الذي يدفع ثمن مطامع والده، ورغبته في توطيد مصالحه، وخشيته من إفلاس شركاته، وتراجع نفوذه، عبر تزويجه ابنة أحد مديري البنوك ليوافق على إقراضه وإنقاذه من «التعثر» و{فقدان الثقة» في سوق رجال الأعمال.

على غير توقع يُذعن الشاب «الراشد»، «البالغ»، الذي يصفه والده بأنه «ثروة قومية» لأنه «ماجن» و{عابث» وقادر على التغرير بأي حسناء (!) بسهولة لفرمان أبيه، وكأنه «ساذج» أو «أبله»، ويتزوج الفتاة «المسترجلة» التي لا تربطها صلة بـ{الجنس اللطيف». بل يرضخ، ومن دون مبرر، لها وهي تورطه في مواقف مفتعلة وأزمات مصطنعة. ولا تكتفي بهذا، بل توحي لأسرتها بأن زوجها هو «العاجز جنسياً» بكل ما ينتج من هذا من محاولات لإخضاعه لتحليل ذكورة، على يد الطبيبة «العانس» (رجاء الجداوي). ليستمر القبح وتتواصل الفجاجة وتتعدد المواقف التي تفتقد الصدق، والتي لا هدف لها سوى ملء المساحات «الفارغة». الافتعال صادم وغياب المنطق واضح، لكن «الكذب الدرامي» يبلغ ذروته مع ظهور العشيقة القديمة التي تهدده بالفضيحة. وبدوره يستسلم لها بغرابة، وكأنها التي أغوته وغررت به، وأفقدته عذريته (!). ومن ثم تكتشف الزوجة «المسترجلة» خيانته وتُصدم فيه بعد أن بدأت تحبه، وهو بدوره بادلها الحب نفسه!

تعثر السيناريو، ولي ذراع الدراما، يتحولان على يد المخرج أحمد البدري إلى قبح؛ فالاسترجال يثير الاشمئزاز والتقزز، بسبب المبالغة الشديدة وتجاوز الحد المعقول والمقبول للتقمص، وقتها لا ينبغي للمشاهد أن يبحث عن مبرر لما يراه، ويتابعه من مواقف على الشاشة، مثلما لن يُصدق الإدعاء بأن للفيلم رسالة أخلاقية تتمثل في أن «الإنسان مش بشكله لكن باللي جواه»، فهي رسالة مباشرة ومُضللة بدليل أن الفتاة اقتنعت بالفعل بضرورة التغيير، واستجابت لنصيحة غريمتها بأن تنظر إلى نفسها في المرآة، وراحت تستعيد أنوثتها. وهو تناقض يهدم فكرة الفيلم بالكامل، ويؤكد أننا كنا بصدد سقطة درامية وكذبة سينمائية؛ خصوصاً بعد اعتراف الأب بأنه لم يكن مُتعثراً، ولم يوشك على إشهار إفلاسه، بل لجأ إلى هذه الحيلة لإنقاذ ابنه من حالة المجون وتشجيعه على تحمل المسؤولية! «غش الزوجية» أحد الأفلام التي تتاجر بالكوميديا ولا تعرف الوصول إليها، فكان من الطبيعي أن تنقلب الرقة إلى خشونة، والأنوثة إلى رجولة، والحيلة الدرامية إلى كذبة سخيفة، ما يكشف خواء السيناريو وضعف السيناريست، باستثناء براعته الملحوظة في «صك الحوار»، الذي يتميز بخفة ظل واضحة وتلقائية ملموسة، وإن كنا لا نعرف إن كانت الطرافة إبداعاً حقيقياً للسيناريست لؤي السيد أم يعود الفضل فيها إلى رامز جلال؟

هنا لا نستطيع تجاهل القدرات المحدودة للمخرج أحمد البدري، الذي ينظر إلى رامز جلال في «غش الزوجية» وكأنه «ريكو» في «عليا الطرب»، ومن ثم جاءت النتيجة كارثية وغابت عن الفيلم أي ملامح إخراجية أو لغة سينمائية، باستثناء الموسيقى الجنائزية التي وظفها عمرو إسماعيل للدلالة على أنه لم يكن يوم عرس. ولم يجد المخرج في الطفرة التكنولوجية للاتصالات، ممثلة في جهاز «الأي باد»، سوى وسيلة لتصوير الأجساد العارية، مثلما كان يحدث مع من يرون في جهاز الفيديو مجرد وسيلة لمشاهدة أفلام «البورنو»، وغابت الرؤية وترهل الإيقاع وتراجع الصدق بالدرجة التي تجعلك، كمتابع للفيلم، لا تستطيع التفريق بين حسن حسني ويوسف فوزي؛ فالإثنان سواء  في سوء الأداء!

ماذا كنا ننتظر من مخرج «الفيل في المنديل» و{دكتور سليكون» و{البيه رومانسي» و{نمس بوند» و{عليا الطرب بالتلاتة»؟

كان العشم أن يكرر المخرج أحمد البدري «المعجزة» التي حققها في فيلم «أنا مش معاهم» من بطولة أحمد عيد، لكنه يؤكد مع كل عمل جديد أن فيلم «أنا مش معاهم» هو «الاستثناء» و{غش الزوجية»، وما على شاكلته، هو «القاعدة»!