كتاب تصحيح البلاغ المرفوع من رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون إلى النائب العام، الذي يطلب فيه استبعاد الشبهة الجنائية في واقعة دخول مجلس الأمة في نوفمبر الماضي، واعتبار ما حدث أنه شأن سياسي بحت، يعد تدخلا غير محمود بمجريات التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في الواقعة، ويعرّض الأمين العام للمجلس علام الكندري للمساءلة الجنائية بجريمة شهادة الزوّر على أثر الشهادة التي أدلى بها أمام النيابة العامة على خلفية واقعة الاقتحام.
وبالرغم من أن النيابة العامة انتهت إلى أن العبرة بتكييف الواقعة القانونية منها دون الاعتبار لما قد يحمله كتاب مجلس الأمة من نفي للوقائع الحاصلة وإثبات لوقائع جديدة إلا أنه برأيي يعد أهم أدلة البراءة التي ستستند إليها محكمة الجنايات، وذلك لنفي الكتاب المرسل لكل واقعة اتهم بها كل متهم بواقعة دخول المجلس وتضمنه نسفا واضحا لحقيقة ما حدث إلا إذا انتهت المحكمة إلى عدم الاطمئنان لما ورد فيه لكونه تناول الأمر بتبعاته السياسية كما ورد بالكتاب وليس التبعات الجنائية التي للمحكمة أن ترتكن فيها إلى ما سطرته النيابة العامة من أقوال الشهود والأدلة والمعاينة التي أجرتها.كان بإمكان مكتب المجلس أن يطلب سحب القضية المقامة منه ويترك تقدير الأمر للمحكمة، والمحكمة في حينها ستقدر الظروف وستنتهي إلى عقوبات مخفضة ربما تنتهي إلى عدم النطق بعقاب المتهمين، إلا أن كتاب المجلس المرسل الى النيابة العامة سيجعل للمحكمة خيارا جديدا بالتعاطي مع القضية قد تنتهي معه إلى تأكيد الاتهام بحق المتهمين وليس الذهاب إلى تبرئتهم.بقدر ما تشكله قضية اقتحام مجلس الأمة من سابقة، فإن كتاب المجلس المرسل الى النيابة العامة يعد سابقة أخطر إذ إن أي أغلبية برلمانية من شأنها أن تؤثر على سير العدالة في التحقيقات التي تجريها، وستجعل النيابة العامة مرتبطة بأي وقائع قد تتبدل وتتغير بحسب مفهومها السياسي وقد تؤدي إلى تضليل العدالة برمتها، وهو ما رفض الدستور مجاراته عندما أكد مبدأ الفصل بين السلطات وعدم التدخل في الأدلة المعروضة أمام القضاء.
مقالات
مرافعة: تضليل العدالة
18-03-2012