بينما تصارع مالالا يوسفزاي للبقاء على قيد الحياة في المستشفى، بدأت تلك الفتاة الباكستانية التي تعرضت لإطلاق نار على يد "طالبان" لأنها طالبت بأن تذهب مع الفتيات الأخريات إلى المدرسة، تتحول إلى رمز يمثّل 32 مليون نسمة من الفتيات المحرومات من المدرسة الابتدائية في أنحاء العالم.

Ad

اليوم، يجب أن يتبنى العالم قضية تلك الفتاة من وادي سوات في باكستان بعد أن أُجبرت على الهرب من بلدتها حين فرضت "طالبان" إغلاق مدرستها، وبينما تحارب تلك الفتاة "طالبان" التي اعتبرت حملتها المؤيدة لتعليم الفتيات عملاً "فاحشاً"، يجب أن نشيد بشجاعتها وأن نعتبرها ابنتنا جميعاً.

طلبتُ من الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، أن يتعهد بألا تذهب معاناة مالالا هدراً، ورداً على طلبي، دعاني إلى قيادة وفد من المسؤولين في قطاع التعليم لزيارته في باكستان خلال شهر نوفمبر من أجل مناقشة الطريقة التي يمكن أن يعتمدها لتحسين فرص الأطفال. إنه امتداد للوعد الذي قطعه حين التقينا قبل بضعة أيام، فأكد حينها أن حكومته ستكثّف جهودها الآن لتوفير المعلمين والموارد والمساعدات المالية إلى العائلات من أجل إدخال الفتيات إلى المدرسة.

منذ ثلاث سنوات، أخبرتنا مالالا حين كانت في عمر الحادية عشرة على إحدى المدونات: "أنا أخشى الذهاب إلى المدرسة لأن طالبان أصدرت مرسوماً يمنع جميع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة". ثم وصفت مالالا تجربتها قائلة: "في طريقي من المدرسة إلى المنزل، سمعتُ رجلاً يقول لي: سأقتلك!". بعد أن مُنعت من الذهاب إلى المدرسة، أخبرت العالم بأن اسمها الحقيقي يعني "المُعذّبة". الآن وقد أصبح اسمها يُستعمَل في أنحاء العالم كرمز للشجاعة والأمل، أنا متأكد من أن إطلاق النار عليها سيؤدي إلى أمور تتجاوز مجرد الحديث عن التغيير. حين قابلتُ الرئيس زرداري، اتفقنا على رسم خطة تضمن ذهاب 5 ملايين فتاة وصبي إلى المدارس في باكستان، وقبل أسبوع على ذلك، قابلتُ وزير الخارجية الباكستاني الجديد ووزير المالية أيضاً وتعهدتُ بحشد الدعم العالمي اللازم إذا أقرّا خطوات إضافية وتحركا بوتيرة أسرع من أجل توفير التعليم للجميع.

تحدثتُ مع الرئيس عن توسيع خطة الدعم النقدي التي نظمها "برنامج بنازير بوتو لدعم الدخل" والتي تحفز العائلات على تسجيل أولادهم، ولا سيما بناتهم، في المدرسة. في الوقت نفسه، تحدثنا عن توسيع المشروع المدعوم من بريطانيا في منطقة البنجاب، وكان ذلك المشروع قد ساهم أصلاً في إرسال مليون طفل إضافي إلى المدرسة من خلال التشديد على تسجيل الحضور والاستعانة بمعلمين بارعين واتباع إجراءات إدارية مناسبة.

لكن باكستان تحتاج إلى تغيير فعلي في خدمات التعليم في كل محافظة من محافظاتها المسؤولة عن المدارس إذا أردنا أن نحصل على فرصة تحقيق هدف الألفية الإنمائي الذي يحتم أن يسجل جميع الأطفال في المدارس بحلول عام 2015.

حول العالم، تحارب حملة تعليم الفتيات (إنها الحملة التي ترمز إليها مالالا اليوم) الشرور التي تمنعنا من تحقيق هدفنا، فيؤدي زواج الأطفال إلى حرمان 10 ملايين فتاة سنوياً من المدرسة بسبب إجبارهن على زواج لم يَخْتَرْنَه. كذلك، يؤدي عمل الأطفال إلى حرمان 15 مليون صبي وفتاة تحت سن الرابعة عشرة من الذهاب إلى المدرسة، بينما يؤدي تجنيد الأطفال إلى إخراج 100 ألف فتاة تقريباً من المدرسة.

هدفنا هو حث الحكومات والمنظمات الدولية غير الحكومية والشركات على التفاوض والاتفاق على اقتراحات عملية لتحويل الوعد بتعليم جميع الفتيات إلى حقيقة ملموسة في نهاية عام 2015.

يكلّف تعليم كل طفل دولارين فقط أسبوعياً في أكثر المناطق فقراً من إفريقيا وآسيا، لذا يجب أن نحارب الإجحاف الذي يُضعف قيمة الفتيات ويجعلهن مواطنات من الدرجة الثانية؛ لأن أصواتهن غير مسموعة، ولأنهن لا يظهرن إلا نادراً في الأماكن العامة.

يجب أن تشعر باكستان بِهَول الصدمة حتى تتحرك بفاعلية، ويجب أن تشعر "طالبان" بفظاعة ما تفعله، وأن تُجبَر على قبول الحريات الأساسية لكل فتاة. انطلاقاً من يوم الفتاة العالمي، يجب أن تصبح معركة مالالا للبقاء على قيد الحياة معركة العالم أجمع لترسيخ حق جميع الفتيات في التعليم، فضلاً عن تخصيص أماكن في المدارس لـ32 مليون نسمة من الفتيات المحرومات خلال ثلاث سنوات.

* غوردون براون