ماذا يريد الشباب؟
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
ليس هذا وقت التنظير، والبحث عن المسبب في كل هذا، فهذا سهل، فهي سلطة تفرض رأيها بالقهر، يقابلها شباب يشعرون أنهم همشوا، وتم استبعادهم من الحراك السياسي، وحين أرادوا التعبير السلمي قابلتهم السلطة بالعنف والمنع، متذرعة بحكم القانون، مع أن القانون، الذي يحظر المسيرات السلمية بدون ترخيص مسبق (هذا الترخيص منح مرة واحدة قبل الانتخابات، ولن يتكرر)، ليس مقدساً، حاله كحال قوانين القهر والظلم التي تضج بها تشريعات الاستبداد. الشباب اليوم يتحدون ذلك القانون، ولا يكترثون لضريبة ذلك التحدي، ومن يتصور أن نواب الأغلبية "المستبعدة" من المجلس يمكنها أن تلجم ذلك المسار العنفي فهو واهم، فالأمور خرجت من أيديهم، كل ما يستطيعه هؤلاء النواب المستبعدون هو المحاولة، ولا أكثر من ذلك. القضية لم تعد قضية صوت واحد أو أربعة أصوات، فجذور الأزمة أعمق وأبعد، يمكن أن نقول إن من أسبابها (ليس بالتحديد) مجلس 2009 وموقف الحكومة السابقة من شراء الذمم النيابية، ويمكن القول، أيضا، إن من أسبابها جمود الأوضاع "شبه" الديمقراطية في الدولة منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وعجز السلطة عن فهم ومسايرة التطورات التي تهز المنطقة العربية دون استثناء، وتصور السلطة أنها يمكنها "شراء الرفض" بمسكناتها التقليدية التي لا تعرف غيرها، حين رفعت شعار "ادفع وهب" حتى ينسى الرافضون ما يرفضونه. كلها كانت أعمال شراء وقت وتأخير وتسويف لن تجد نفعا آخر الأمر.نحن الآن أمام صراع أجيال، وهناك هوة كبيرة تتسع بين من يمسك زمام الأمور وبين الشباب المتململين الذين زهدوا هذا الواقع المتحجر.الواجب الآن أن تفتح السلطة أبوابها للحوار مع هؤلاء الشباب، وتنصت جيداً لما يقولونه، وتفهم، بصدر واسع وحلم كبير، ماذا يريدون ومما يشكون، وتتفاعل معهم، فلهم تطلعاتهم ولهم أحلامهم، فلنشاركهم أحلامهم.