قصة موت مثيرة

نشر في 06-05-2012
آخر تحديث 06-05-2012 | 00:01
 ناصر الظفيري صناعة فيلم عن أديب مهمة ليست هينة على كاتب السيناريو، والكتابة عن شخصية مثل الشاعر والقاص ادجار ألان بو تحتاج إلى ذهنية خارقة لم تتحقق بالشكل المطلوب في فيلم "الغراب" الذي كتبه بن ليفينجستون وهانا شكسبير، وعنوان الفيلم هو عنوان القصيدة التي كانت سببا في شهرة الكاتب ألان بو. ورغم قصور النص وثغراته فإنه جاء نتيجة قراءة مستفيضة عن حياة الأديب الذي شكل موته وغموضه قصة موازية تكاد تفوق حياته القصيرة التي عاشها، فلم يعرف أحد إن كان مات مريضا أو مات بالقن وهو ما سنذكره لاحقا.

لم تكن حياة ادغار ألان بو حياة سهلة، لكنها أحيطت بالموت منذ بدايتها حتى نهايتها دون أن يكمل عامه الأربعين. بعد عام من ولادته في 1809 باسم ادجار بو، هجر والده العائلة وتوفيت والدته بالسل بعد عام من ذلك، وتبنته عائلة تاجر أسكتلندي وأضافت لاسمه "ألان"، أدمن بو القمار والشراب وتراكمت عليه الديون فترك جامعته بعد السنة الأولى، ثم التحق بالجيش الأميركي منتحلاً اسم ادجار بري، ومزورا عمره ليتمكن من الالتحاق كطالب عسكري. طبع بو مجموعته "قصائد" بمساعدة أصدقائه في السلاح الذين تبرعوا بمبلغ الطباعة وحصلوا على إهداء الطبعة لهم.

تزوج بابنة عمه في عام 1835، وهي في الثالثة عشرة من عمرها، وتوفيت بالسل أيضا في عام 1842، أدمن بو الشراب بعد وفاتها وكتب قصيدة "الغراب" التي حققت له الشهرة في الوسط الأدبي، ومبلغ 9 دولارات أجرا عنها. وبقيت حياة ألان بو حتى وفاته عام 1949 محاطة بالموت أكثر مما هي مفعمة بالحياة. لم يستطع أحد أن يحل لغز الأيام الأخيرة من حياته. وهي العبارة التي بدأ بها الفيلم، فلم يتمكن هو من شرح ما مر به ذلك اليوم. لقد عثر عليه بملابس غير ملابسه يردد اسم "رينولدز"، وهو أيضا الاسم الذي استخدم في الفيلم لحل لغز الجرائم التي ارتكبها القاتل. ولم يستطع أحد أن يجد ما يشير له الاسم، كما أن جميع الأوراق الطبية وشهادة الوفاة فقدت من السجلات. لكن القصة الأكثر إثارة حول موته هي قصة القن.

في القرن التاسع عشر كانت في الولايات المتحدة ممارسة انتخابية غريبة، حيث يعمد أحد المنافسين السياسيين الى تشكيل عصابات تسمى عصابة القن مهمتها جمع الذين لا يصوتون لمرشح بعينه، ووضعهم في غرفة تسمى "القن" coop، ويمنحون الشراب والمخدرات، وعليهم أن يصوتوا لمرشح هذه العصابة أو يتعرضون للتعذيب. تقوم العصابة بتغيير ملابسهم ليقوموا بالتصويت أكثر من مرة حتى لا يعرفهم القائمون على صناديق الاقتراع. ويبدو أن ادجار ألان بو قبل الشراب ورفض التصويت وتعرض للعقاب على يد أحدهم وهو رينولدز، الذي ردد اسمه قبل وفاته. وذلك أيضا ما يفسر سلب ملابسه.

لم أتحدث عن الفيلم حتى لا أفسد قصته على المشاهد، لكن متعة المشاهدة مقترنة بمعرفة سيرة حياة الكاتب وبعض القصص التي تم الاشارة لها في الفيلم مثل "قناع الموت الأحمر"، ومعرفة بعض الشخصيات الأدبية التي حاولت إنهاء الكاتب أدبيا مثل جريسوالد الذي كان خصما شرسا في حياة الكاتب وغير شريف بعد موته حتى أن سيرة الكاتب كمدمن للمخدرات التي ينكرها الأدباء وتصدقها العامة كانت بسببه حين نشر كتاب "سيرة المؤلف" الذي تضمن هذه الفرية عن ألان بو. وحتى الفيلم لم يستطع التخلص منها فصوره مخمورا رثا في بداية الفيلم، ولا يستحق خطيبته الجميلة في الفيلم طبعا.

back to top