إلى أين كل هذا التحشيد في الخليج؟!

نشر في 30-04-2012
آخر تحديث 30-04-2012 | 00:01
No Image Caption
 صالح القلاب "التحشيد" العسكري والدعائي الذي لجأت إليه إيران مؤخراً في منطقة الخليج، والذي جاء في هيئة استفزازات لا تُحتَمل بالطبع، كان لابد له أن يستدعي تحشيداً مقابلاً؛ فالفعل، وخصوصاً هذا الفعل، لابد أن يؤدي إلى رد فعل مقابل وهكذا. وإذا سارت الأمور على هذا النحو فإنه غير مستبعد أن يشهد الشرق الأوسط صداماً جديداً يتخذ وضعية الحرب الإقليمية بطابع طائفي ومذهبي، قد تشارك فيه تركيا التي غدت مستهدَفة بالتحرشات الإيرانية المتصاعدة.

عندما يظهر محمود أحمدي نجاد ذلك الظهور الأرعن الاستفزازي في جزيرة أبوموسى (الإماراتية المحتلة) وعندما يتبع هذا بإرسال ثلاثة ألوية عسكرية إلى هذه الجزيرة التي أعلنها عاصمة لمنطقة إدارية إيرانية تضم أيضاً جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، ثم عندما تعلن طهران للمرة الأولى، عن إقامة مهرجانات سنوية باسم "الخليج الفارسي" فإن كل هذا يتطلب ألا تبقى الدول العربية الخليجية نائمة على أرائك من ريش النعام، وألا يبقى العرب منشغلين بأمور ثانوية جانبية.

ولهذا، فإنه أمر طبيعي أن تبادر أميركا، حسب "فوكس نيوز" إلى نشر العديد من أحدث طائراتها المقاتلة في قواعد على مسافة "مرمى حجر" من إيران، ليس من أجل عيون دول الخليج العربية، بل من أجل أمن مضيق هرمز، وضمان عدم تنفيذ الإيرانيين لتهديداتهم بإغلاق هذا الممر النفطي الاستراتيجي، ولهذا فإنه أمر لابد منه أن تتحرك هذه الدول الخليجية، وتقابل الاستعراضات العسكرية الإيرانية باستعراضات مماثلة، وتعلن عن مناورات مشتركة لقوات "درع الجزيرة" على أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة.

والمشكلة مع إيران، التي تفاقمت للأسف بعد انتصار الثورة الخمينية عام 1979، أنها تتعامل مع هذه المنطقة على أساس أن العرب لا شيء، وأن المعادلة الشرق أوسطية مكونة من ثلاثة أرقام رئيسية، هي بالإضافة إليها الرقم الإسرائيلي والرقم التركي، وهذا استعلاء بالإمكان العثور عليه في نصوص أدبية فارسية كثيرة ظهرت في الأعوام الأخيرة، وهو قد تعزز بسبب كل هذا الهوان الذي وصل إليه الوضع العربي، وكل هذه الفرقة العربية التي اتخذت حالة انطوائية جهوية، وكأن هذه الأمة أصبحت أمماً، لكل أمة منها خصوصيتها وهمومها وقضاياها الرئيسية والاستراتيجية وأيضا الثانوية.

لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وحقيقةً، فإن استقواء إيران على دولة عربية سيغريها بتوسيع دائرة هذا الاستقواء ليشمل دولاً جديدة، فهذه "الدولة الإسلامية الشقيقة" لديها برنامج توسعي يستند إلى أحلام إمبراطورية قديمة، ولهذا فإنها تتدخل الآن كل هذا التدخل السافر في الشؤون السورية، ولهذا أيضاً فإنها تحاول تطويق المملكة العربية السعودية برؤوس جسورها من جميع الاتجاهات، على اعتبار أنها الحلقة الرئيسية في السلسلة العربية، وهذا يتطلب أن يسارع العرب إلى عملية اصطفاف جديدة تجعل هذه الأمة واحدة قادرة على فرض نفسها كرقم رئيسي في هذه المعادلة الشرق أوسطية.

back to top