«14 آذار» في طريقها إلى استيعاب صدمة اغتيال الحسن وبلورة استراتيجية «المواجهة»

نشر في 23-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 23-10-2012 | 00:01
No Image Caption
ترى قيادات بارزة في "قوى 14 آذار" في لبنان أنه من الطبيعي أن يتطلب استيعاب الصدمة الناجمة عن اغتيال اللواء وسام الحسن والخروج من حالة انعدام الوزن السياسي والبلبلة التي أعقبت الجريمة يومان او ثلاثة أيام لإنجاز تصور متكامل للمواجهة المقبلة ووضع التفاصيل المتعلقة بالآلية التنفيذية لهذه المواجهة.

وتلفت هذه القيادات إلى أنها منذ اللحظة الأولى للجريمة كان قرارها واضحاً بضرورة المواجهة والسعي الى تغيير قواعد اللعبة على أساس وجوب عدم السماح للمسؤولين عن العملية بقطف نتائجها السياسية والاستفادة من هذه النتائج للإمعان في تغيير المعادلات وضرب التوازنات على الساحة اللبنانية.

وتشير الى أن اعتماد استراتيجية لذلك على "البارد" وتوزيع الأدوار والمهمات لا يمكن أن يتم قبل مراسم جنازة اللواء الحسن ومرافقه ومعالجة الآثار الإنسانية والمادية الناجمة عن جريمة الأشرفية على اعتبار أن الإنسان يبقى أهم من السياسة التي يفترض ان تكون في خدمة المجتمع وليس العكس.

ويبدو أن قيادات "14 آذار" توصلت الى قناعة بأن المرحلة التي بدأت مع اغتيال اللواء وسام الحسن تشبه شكلاً وأهدافاً تلك التي بدأت في اكتوبر 2004 مع محاولة اغتيال النائب مروان حماده، يومها حاولت سورية مع حلفائها منع المعارضة المتمثلة بما بات يعرف اليوم بـ "قوى 14 آذار" من الفوز بالانتخابات التي كانت مقررة في ربيع عام 2005 لقطع الطريق على تحقيق المشروع السيادي المتمثل برفع الوصاية السورية عن القرار السياسي والعسكري والأمني والإداري والقضائي والاقتصادي اللبناني.

والظاهر أن السيناريو نفسه يتكرر في محاولة للحؤول دون تمكن "قوى 14 آذار" من الفوز بالأكثرية النيابية في الربيع المقبل ولو تطلب ذلك تصفية جسدية لقياداتها السياسية من طريق شطب الغطاء الأمني الذي كان يؤمن الحد الأدنى من سلامتها.

وانطلاقاً من هذه القراءة، توصلت "قوى 14 آذار" الى قراءة مشتركة للمرحلة المقبلة تتضمن الآتي:

1- إن ما يتعرض له قسم من الشعب اللبناني وقياداته اليوم على يد النظام السوري وحلفائه المحليين هو نموذج طبق الأصل عما يتعرض له الشعب السوري على يد النظام والشبيحة في سورية.

2- لقد تحول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى امتداد للنظام السوري في لبنان بحيث بات أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانشقاق عن النظام السوري ورفض ان يكون شاهد زور من خلال تأمين الغطاء لجرائمه وإما تغطية سياسته التي لا علاقة له بوضعها.

3- يتعاطى المجتمع الدولي مع الوضع اللبناني اليوم كما تعاطى معه في عامي 2004 و2005. يومها كانت عواصم القرار العربية والدولية تعتبر الاستقرار أي تثبيت الأمر الواقع جزءا من "الاستقرار" ولو على حساب دماء اللبنانيين وحياة قادتهم.

4- بات الوضع اللبناني مرتبطاً عضوياً بتطورات الوضع السوري من خلال مقاربة المجتمع الدولي للوضع اللبناني الراهن، لاسيما مطالبة "قوى 14 آذار" بإسقاط الحكومة، بالسؤال نفسه الذي يقارب فيه مطالبة الشعب السوري بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، من خلال طرح السؤال الآتي: ما البديل عن سقوط حكومة ميقاتي، إلحاقا بالسؤال: ما البديل عن سقوط النظام السوري ما يسمح للرئيس بشار الأسد ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستفادة من غياب القرار الدولي الحاسم بإسقاطهما للمضي قدماً في سياستهما تجاه الشعبين اللبناني والسوري.

5- لم يحل الموقف العربي والدولي دون إطلاق اللبنانيين انتفاضة شعبية وسياسية في مواجهة سياسة القتل ووضع اليد على لبنان خلافا لرأي عواصم القرار التي اضطرت الى تغيير موقفها في ظل عناد اللبنانيين وإصرارهم على انتزاع حقهم الطبيعي في الحياة والديمقراطية والسيادة الوطنية.

وبالاستناد الى هذه الوقائع، بلورت قيادات "قوى 14 آذار" من خلال سلسلة من الاتصالات والمشاورات الخطوط العريضة لخطة تحرك تقوم على الآتي:

1- إطلاق دينامية شعبية رافضة للأمر الواقع، وتحويلها الى حالة ممانعة سياسية تتصدى سلميا للخطة السورية المدعومة من حلفاء النظام السوري في لبنان والمنطقة.

2- إطلاق حملة اتصالات دبلوماسية خارجية مع مواقع القرار العربي والدولي الرئاسية والوزارية يتولاها خصوصا الرئيس سعد الحريري من الخارج، وقد بدأت فعلا بإبلاغ عواصم القرار العربية والاميركية والأوروبية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي برفض بقاء الحكومة والإصرار على استقالة الرئيس نجيب ميقاتي وفقا للآليات الدستورية التي يجيزها النظام اللبناني بما فيها الحراك الشعبي.

3- تولي قيادات "قوى 14 آذار" في الداخل وفي مقدمها الرئيس أمين الجميل والرئيس فؤاد السنيورة ود. سمير جعجع وغيرهم الاتصالات الدبلوماسية والسياسية اللازمة مع السفراء ورئيس الجمهورية والفاعليات السياسية والحزبية والروحية وناشطي المجتمع المدني من أجل إبلاغ من يعنيهم الأمر بأن لا مساومة على وجوب الغاء اي نتيجة سياسية من نتائج الاغتيال. وقد بدأت ملامح هذه الخطوات تترجم على أرض الواقع من خلال تبني الاعتصامات الشبابية وتنظيمها وتأطيرها وتأمين الغطاء السياسي اللازم لها، ومبادرة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي الى تعيين العقيد عماد عثمان خلفا للواء وسام الحسن في شعبة المعلومات وهو ينتمي الى المدرسة الوطنية ذاتها للواء الشهيد قطعا للطريق على اي محاولة لاستكمال الانقلاب الأمني بتعيين حليف لسورية وحزب الله في هذا الموقع الحساس، وصولا الى خطوات سياسية وإعلامية ونيابية أخرى يتم درسها تباعا من بينها مقاطعة نيابية وسياسية لأي نشاط او حركة تشارك فيها الحكومة الحالية.

وتتساءل قيادات بارزة في "قوى 14 آذار": كيف تبرر "قوى 8 آذار" بعد اليوم اتهامها "قوى 14 آذار" بالتبعية للقرار الاميركي – الغربي؟ ومن هو الذي يبقى في الحكم بقوة الدعم الغربي؟

وتختم: في لبنان نظام سياسي يترجمه دستور واضح المعالم يجيب عن كل الأسئلة المتعلقة بالبديل عن حكومة ميقاتي الذي يكمن في مشاورات يجريها رئيس الجمهورية يقرر في ضوئها الشخصية الأنسب لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، على أن يقرر مع الرئيس المكلف الصيغة الحكومية الأنسب لإدارة المرحلة المقبلة وصولا الى الاستحقاق الانتخابي الديمقراطي الذي سيفرز موازين القوى الشعبية في الربيع المقبل. وتتساءل: هل من المنطقي اشتراط معرفة مسبقة لهوية الرئيس المقبل في الولايات المتحدة الاميركية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة؟ أما الحجة القائلة ان الوضع في لبنان مختلف لأن حزب الله وحلفاءه قادرون بقوة السلاح على تعطيل تشكيل أي حكومة فيعطي "قوى 14 آذار" كامل الحق في خوض مواجهة سياسية – شعبية - إعلامية سلمية لإعادة إحياء الديمقراطية ويضع الإصبع على المشكلة المتمثلة بسلاح حزب الله ودوره في تعطيل الحياة الديمقراطية واستبدالها بنظام قمعي شبيه بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

back to top