المفردات الكويتية القديمة مجال تراثي جميل، اشتغل به وساهم في إثرائه العديد من الكتاب والمؤرخين النشطاء مثل الأديب أحمد البشر الرومي صاحب كتاب "معجم المصطلحات البحرية في الكويت"، وحمد السعيدان صاحب "الموسوعة الكويتية المختصرة"، وغنيمة الفهد صاحبة كتاب "كلمات ذابت مع الأيام"، وكتاب "عبارات منسية في اللهجة الكويتية"، وخالد الرشيد صاحب كتاب "موسوعة اللهجة الكويتية"، وهناك أعمال أخرى مهمة أيضاً ساهمت بقوة في توثيق هذا المجال التراثي الجميل.

Ad

ورغم أن الكتابات في هذا المجال قديمة ومستمرة، فهناك مفردات لم يتم توثيقها وتبرز لنا في أبحاثنا وقراءاتنا. من هذه المفردات كلمة "قناقينه" التي اندثرت مع مرور الأيام، وكادت أن تنمحي من ذاكرة التاريخ لولا وجود بعض الوثائق والقصائد القديمة. قبل عدة أسابيع زارني في الديوان بالعديلية الأخ الكريم عبدالله عبدالوهاب المطوع وأهداني وثيقة جميلة تتضمن المفردة "قناقينه" ولم يكن يعرف معناها، فاستذكرت على الفور أبياتاً شعرية قديمة قالها الشاعر عبدالله السعد اللوغاني في الثلاثينيات أو الأربعينيات من القرن الماضي، وذكر فيها "قناقينه"، وأحببت أن أتحدث عن وثيقة "المطوع" وقصيدة اللوغاني في مقال اليوم.

لنبدأ في الوثيقة التي كتبت بتاريخ 30 المحرم عام 1342هـ الموافق 12 سبتمبر 1923م، وهي من المرحوم خالد يوسف المطوع إلى المرحوم عبدالله القناعي (راعي الصيدلية)... وإليكم نص الرسالة:

"الأخ عبدالله المحترم،،

بعده لا يخفى على جنابك الآن ثلاثة أيام والصخونة معي، وعوار الراس زايد علي، أرجوك تعطي حاملها قناقينه مالت شرب (أي من نوع الشراب) ومالت دهان (أي التي يمكن استخدامها كدهان) من كل شي، حتى مرة وحدة فقط، ويكون من الطيب ولو القيمة زايدة وتكتب لنا ورقة كيفية الاستعمال وتخبرنا بالقيمة حتى نرسلها لك،،،،

والسلام،،،،

خالد يوسف المطوع

30 محرم سنة 1342"

ويتضح لنا من هذه الوثيقة التي مضى عليها حوالي تسعين عاماً أن القناقينه هي دواء يمكن استخدامه كشراب أو دهان، وأنه يتم تحضيره عند الصيدلي محلياً، وأنه يستخدم في علاج ارتفاع الحرارة (السخونة أو الصخونة). وقد أكد على ذلك الشاعر عبدالله السعد اللوغاني، رحمه الله، قبل منتصف القرن الماضي، عندما نظم قصيدة غزلية، ورد فيها أنه أصيب بالمرض مما منعه من أكل الطعام والنوم، وعندما سأله أهله ممَّ يشتكي، قال لهم إن معه حرارة شديدة، فما كان من أهله إلا أن أحضروا له "قناقينه" و"خروع" و"حنّة" لعلاج ارتفاع حرارته، لكنه في نهاية القصيدة يقول لنفسه إن السبب الحقيقي لارتفاع حرارته ليس سوى العشق الذي أشعل ناراً في صدره. وإليكم الأبيات التي تتعلق بالموضوع:

قالوا هلي عبدالله اليوم وشفيه

القوت عافه والكرا طار عنّـــــه

ما به مرض يشكي عذابه انداويه

ياحيف عنا سدّه اليوم كنّــــــــه

قالوا نسله كود يخبر ابما فيه

يمكن نزيح اللي لجا فيه عنّــــه

قالوا علامك يا فتى شِنت شاكيه

قلت الصخاين ضامري مزعنّـــــه

جابوا قناقينه وخروعٍ يباريه

والراس حطوا في عواليه حنّة

واللي لجا فيني عن الكل مخفيه

أخاف يفتي كل حسودٍ بظنّـــــه

راعي الهوا ظله يخيفه ويغريه

صاير من الواشي بنارٍ وجَنـّــة

قدم الملا جاشي من الهم مخليه

وانت صرت وحدي صار بالجوف صنة

وفي نهاية حلقة اليوم، نتمنى ممن لديه معلومات مفصلة عن هذا الدواء القديم وكيفية تحضيره أن يفيدنا بما لديه من معلومات، ليتمكن المختصون في اللهجة الكويتية من توثيق هذه المفردة الجميلة.