قال الله سبحانه وتعالى "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"- سورة آل عمران الآية (103).

Ad

على ما يبدو أن المجتمع أدرك أهمية سن قانون يجرم الكراهية بعد أن عرف أن البلد ذاهب إلى ما هو أبعد من الكلام وبعد أن وصل الاحتقان إلى درجة الغليان وبعد أن غاب القانون وضاعت هيبته.

الحماس الزائد لهكذا قوانين وتشريعات هو حيلة العاجز الذي لم يعد يرى طريقة أخرى لضمان وقف هذا الاحتقان وبعد أن فقدت مؤسسات المجتمع المدني المصداقية في وقف التجاوزات على حقوق المواطن التي كفلها الدستور كحد أدنى.

المراجعة الشاملة لمكامن تفريخ الكراهية متعددة ومتنوعة فمنها نتاج حكومي ومنها شعبي وحتى نكون موضوعيين في تشخيص الخلل نبدأ بالدولة التي تركت الحبل على الغارب، فسمحت للمتطرفين بالتغلغل داخل مؤسساتها ولم تحاول القيام بأي محاولات جادة لإصلاح ما أفسده هؤلاء فرضخت لأصواتهم النشاز.

هذه الأصوات عززت مفهوم سارت عليه الحكومات المتعاقبة، وهو مفهوم لم يرتكز على العدالة بين المواطنين فراح ضحيته الكثير من الكفاءات حيث كرس هذا النظام المقيت التفرقة بين أبناء الشعب فكان أول خطوط الطائفية والفئوية ولولا هذا التخبط الحكومي لما وصل الحال إلى ما هو عليه.

مرتع الكراهية تأصل في المجتمع بشكل مخيف، ولم يعد الناس كما كانوا بالسابق، فالاصطفاف والكراهية وصلا إلى بيوت العبادة فصارت المنابر مكاناً لتصدير الكراهية عبر بعض الخطباء من أدعياء الدين فبدلوا الهدف من وجود بيوت الله التي يرفع فيها اسمه.

الواقع الآخر المر الذي نعيشه هو الإعلام، وإن كان في إطاره العام يسمح إلى حد كبير بالتعبير لكل الأطياف، فإن هذه الحرية استغلتها بعض الصحف والمحطات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر ثقافة الكراهية لضرب القبائل بالحضر والشيعة بالسنّة.

علامات التعجب التي تسبق هذا القانون كثيرة وكبيرة، فنحن نتغنى بالوطنية ولكن في الخفاء نعمل على ترسيخ مفاهيم التطرف وندعمها بكل ما نملك، حتى ان مجلس الأمة الذي يفترض أن يكون مؤتمناً على مصالح الشعب بات منبعاً ومسرحاً يغذي هذا النفس البغيض، وهنا يقع اللوم على المواطن الناخب الذي انجر وبارك هذا المشهد القبيح.

فيروس العدوى أصاب جيل الشباب فصار كالببغاء يرد ما يسمعه دون أن يدرك خطورة ما ينقله وأثره عليه وعلى إخوانه في الدين وشركائه في الوطن.

"صحوة الضمير يجب أن تسبق القانون، فالكويت والله العظيم لا تستاهل ما نفعل بها فنحن بدونها لا نسوى". ودمتم سالمين.