السادات ومبارك ومرسي
"مكتوباله ابن الجارية"... "هتعمل إيه البقرة الضاحكة"، التعبير الأول سمعته بعد وفاة عبدالناصر من شيخ قارب الستين آنذاك مع توقعه بتولي السادات الحكم، والثاني تعبير تداوله المصريون كثيرا بعد اغتيال السادات، والتعبيران يؤكدان عدم ثقة المواطن المصري بحاكمه عند بداية توليه الحكم، وإن كان المواطن معذورا في الأولى فلم يكن أحد يتخيل وجود من يملأ فراغ عبدالناصر إلا أن الثاني كان دليلا على افتقاد الحاكم "المتوقع آنذاك" للسمات الفردية والمقومات الشخصية للحكم، ورغما عن ذلك استمر الاثنان طويلا إلى أن قُتِل الأول وخُلِع الثاني. إن عدم ثقة المواطن المصري بحاكمه إرث تتوارثه الأجيال؛ لذلك لا أجد غرابة في سخرية البعض من الرئيس الحالي مرسي وإيمانهم بعدم قدرته على الحكم، بل يقينهم أنه لن يكمل مدته. والفرق أن السخرية سابقا كانت سخرية شعبية يتناقلها المواطنون فيما بينهم، أما الآن فالسخرية إعلامية سواء من خلال الصحف والفضائيات الخاصة أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يعكس ذلك بالضرورة زيادة في حدة السخرية أو حجمها بقدر ما يعكس المناخ العام بعد ثورة يناير وجرأة الجميع على الجميع، كما أن ضبابية المستقبل وعدم وضوح الفكر والرؤية لدى الكثيرين أدى إلى انتشار هذا النوع من السخرية.
وإن كان الكثيرون يسخرون ويتغامزون بإرث شعبي وعفوية شديدة إلا أن البعض يتعمد السخرية والانتقاص من حق الرئيس عن قصد، مستغلين الصوت العالي والانتشار الواسع "للميديا"، ويكيلون التهم جزافا معتمدين مقولة "الزن على الودان"، ويكثرون من ترديد الأكاذيب كي يصدقها الشعب.سألني صديق: أعلم أنك ضد الإخوان فلماذا تدافع عن مرسي؟ أجبته: أنا لا أدافع عن مرسي لأنه من الإخوان أو يمثلهم ولكن لأنه رئيس مصر... رد صديقي: إن مبارك كان رئيس مصر ولكنك كنت تهاجمه بعنف شديد فما الفرق؟ قلت: مبارك سرق وظلم وأفسد وطغى وتكبر فهل فعل مرسي ذلك؟ أو ما يستحق أن نهاجمه عليه؟ إن كل ما يتردد "المرشد هو من يحكم مصر... مرسي يعمل لصالح الجماعة وليس لصالح مصر... مرسي يسعى لسيطرة الإخوان على كل شيء ويتبع سياسة المغالبة وليس المشاركة...إلخ". كل هذا الحديث الذي يردده البعض صباح مساء لا دليل يؤيده أو برهان يثبته، فما القرار الذي اتخذه مرسي في مصلحة الجماعة ويتعارض مع مصلحة مصر؟ كم نسبة وزراء الإخوان في التشكيلة الحكومية؟ إن لجنة اختيار رؤساء تحرير الصحف –مثلاً- شكلها مجلس الشورى قبل تشكيل الحكومة، ولا علاقة لوزير الإعلام الإخواني بها، كما أن ميثاق الشرف الإعلامي الذي تحاكم وفقا له بعض الفضائيات تم صدوره قبل تولي مرسي الرئاسة فما هي الجريمة التي ارتكبها– إلى الآن- لكي نحاسبه عليها؟ من حق الجميع توجيه النقد– كل حسب رأيه وفكره- للمسؤول العام سواء كان مديرا في مكتبه أو حاكما في قصره، ولكن قليلا من الهدوء وكثيرا من العدل لكي يكون النقد صادقا وصائبا. *** القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس مرسي أسعدت الجميع مهما حاول البعض التقليل من شأنها والادعاء أنها تمت بترتيب مع المجلس العسكري أو بناء على توصية مكتب الإرشاد أو بموافقة أميركا!! إلى آخر هذه الغيبيات فالحقيقة أنها (القرارات) أصلت للحكم المدني الذي يطالب به الشعب كله كما أكدت حق الرئيس (المنتخب شعبيا) وجدارته في إدارة شؤون البلاد، كما أنها البداية الحقيقية لتفعيل ثورة يناير، وجني ثمارها وعودة الكرامة والثأر لدماء الشهداء.*** كل عام وأنتم بخير فغدا أو بعد غد عيد الفطر المبارك أعاده الله على الجميع بالخير والصحة والسعادة، ومع بدايته أبدأ إجازتي السنوية من عملي، فأعتذر للقارئ عن غيابي أثناءها آملا قضاء إجازة سعيدة في ربوع مصرنا الحبيبة، ولو على ضوء الشموع.