«أسوَد» أحلام مستغانمي
عن دار «نوفل» وبالتعاون مع دار «هاشيت أنطوان»، صدرت أحدث روايات الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي «الأسود يليق بك». جاء في بيان لدار النشر، أن الرواية قصة حب عاديّة ومثيرة في آن، تتناول فيها الكاتبة زوايا النفس البشرية المعتمة والملتبسة، وتنسج عبرها قصة عشق عنيف بسيناريو بعيد عن الابتذال.
«الأسود يليق بكِ» قصة حب تمزج بين الواقع والخيال جامعةً بين مطربة ورجل أعمال، تجول الكاتبة من خلالها في زوايا علاقات الحب المعتمة والشائكة: كيف لا تخلو أيّة علاقة من حروب صغيرة ورهانات وتحدّيات بين الطرفَين؟ البطلة فنانة جزائرية من الأوراس، كان والدها مطرباً قُتل على يد الإرهابييّن، الذين قتلوا أخاها أيضاً كما هددوها لأنها مغّنية. غادرت الجزائر مع والدتها السوريّة إلى الشام، حيث عاشت حياتها كفنانة، لكنها ظلت ترتدي الأسود ولا ترضى بتبديله.البطل لبنانيّ، ثري جداً، أحبّ في المطربة شموخها وعزّتها وأصالتها. عيّشها أساطير الحبّ التي تحلم بها الفتيات، وكفارس أيضاً حاول ترويضها، لكنه عجز عن السيطرة عليها تماماً بأمواله، فشعر بالعجز أمامها ولم يسامحها على ذلك، وتقول في الرواية: «الحداد ليس في ما نرتديه بل في ما نراه. إنّه يكمن في نظرتنا إلى الأشياء. بإمكان عيون قلبنا أن تكون في حداد... ولا أحد يدري بذلك. وسلطة المال، كما سلطة الحكم، لا تعرف الأمان العاطفي. يحتاج صاحبها إلى أن يفلس ليختبر قلوب من حوله. أن تنقلب عليه الأيام، ليستقيم حكمه على الناس».
بموازاة قصّة الحب، تنبش الكاتبة في مواضيع اجتماعية وسياسيّة تطاول محض المجتمعات العربيّة من المحيط إلى الخليج، وتتطرّق إلى همومٍ تؤرقها.بعيداً عن تفاصيل {الأسود يليق بك»، تبدو مستغانمي في رواياتها «سوبر ستار» أدبية، لها جمهورها العريض منذ «ذاكرة الجسد» الكتاب النجم الذي انتفعت الروائية من وهج انتشاره شعبياً، لا سيما بعد تلفزته (لم يكن المسلسل في المستوى المطلوب)، وبقيت تكتب في روحية الكتاب نفسه في حين عجزت عن تخطيه أو التمرّد على ظلاله، وكأنها في صراع معه، وهذه محنة كل كاتب يتحوَّل كتابه نجماً في المكتبات.الأرجح أن أحلام ما زالت تعيش في «ذاكرة الجسد» وتدور في الفلك نفسه، ربما قفزت قليلاً فوق الشكل ولكن جوهر أعمالها يكرر نفسه بعباراته «الشعبوية» التي تلعب على وتر المراهقة والقارئ العادي، وهي في «الأسود يليق بك» تحاول قدر الإمكان استعادة مجد «ذاكرة الجسد» لناحية المبيعات بعدما شعرت بنكسة في كتابها «نسيان com»، فقد تخلت في كتابها الأخير عن دار «الآداب» وتعاونت مع دار «نوفل»، وعمدت مع الأخيرة إلى إنشاء موقع خاص لترويج الرواية. ويتميّز الموقع المربوط بصفحات الكاتبة على «فيسبوك»، فاسحاً في المجال أمام الجمهور للتعليق مباشرة على الجُمل المختارة من الرواية والتي تظهر يوميّاً على الموقع. فضلاً عن ذلك، باستطاعة القرّاء أن يطلبوا عبر الموقع نسخة من الرواية تصلهم مزينة بتوقيع الكاتبة شخصيّاً وبخطّ يدها، لنجد أنفسنا أمام نسق آخر في التسويق أفرزه عالم الـ{فيسبوك» جاعلاً من الروايات أو القصائد مجرد شذرات قيد الأوقات المناسبة. فهل للناشط الـ{فيسبوكي» مزاج في القراءة أم أن سحر التوقيع يتغلب على كل شيء؟ ساعد الإنترنت عموماً والـ{فيسبوك» خصوصاً في ترويج بعض الأفكار الصغيرة من خلال مقطع أو شذرة، لكنه ساهم في الوقت نفسه في إرساء نمطية جديدة في القراءة شبيهة بالكتابة على جدار «فيسبوك».مشهد آخر ينبغي التطرق إليه هو الاندفاع الكبير إلى قراءة روايات أحلام مستغانمي، هل نحن أمام الجوهر الذي يلعب على وتر المراهقة والحب، أم أنه الوهم الخاص الذي يراود مخيلة القارئ؟ هل طرحت مستغانمي على نفسها هذا السؤال؟ وأي رواية تقرأ صاحب «ذاكرة الجسد»؟ وهي التي عُرفت بأنها تقلد شعر نزار قباني من خلال الرواية... يُدرك القارئ المُلم في الروايات وعالمها أن مجموعة من العوامل هي المسؤولة عن اختيار الجمهور أحد الكتب دون غيره تبعاً لما تفرضه «الميديا» التي ساهمت في «صناعة» أحلام مستغانمي، والميديا لها أوجه كثيرة ومختلفة تبدأ من الظهور على الشاشات ولا تنتهي باللغة التي تتطرق إلى الجسد كما في السعودية وأحياناً الخرافة كما في أوروبا.بمنأى عن قيمة أعمالها الأدبية، باتت مستغانمي ظاهرة «يحسدها» الكبير والصغير في مجال تهافت القراء على شراء كتبها، وفي هذا الإطار شهدت حفلة توقيع روايتها الأخيرة، المنظمة من طرف دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، حضوراً عريضاً ازدحم بشدة للحصول على توقيعها، ما دفع بإدارة المعرض إلى الاستعانة بأفراد الأمن لتشكيل حاجز، وبعد مشادات كلامية بينهم وبين جمهور المعرض، اشترط أعوان الأمن على المتجمهرين وقوفهم في صفوف وإلا سيمنعون من الاقتراب وتوقيع الرواية. كأنهم في صراع على الخبر أمام الأفران.نقطة بارزة أخرى لاحظها أكثر من ناقد، وهي أن مستغانمي وقعت في ورطة العنوان في روايتها الجديدة، فبين «الأسود يليق بك» و{الأسود لا يليق بك» علامات استفهام عريضة، فالأول عنوان رواية صدرت قبل أيام والثاني لرواية ابنة عام 2010 بقلم الروائي الجزائري فريد بن يوسف، تصوِّر مرحلة حرجة مرت بها الجزائر في التسعينيات وما شهدته من أعمال إرهابية.أصبح تشابه عناوين الكتب واقعاً مألوفاً ورائجاً في العالم، لكن بين عنوانيّ مستغانمي وبن يوسف ربما لن تكون الأمور في هذه البساطة، وربما يخلق من الشبه أربعين.أفقر من امرأة لا ذكريات لها كبيانو أنيق مغلق على موسيقاه، منغلق على سرّه.لن يعترف حتى لنفسه بأنه خسرها. سيدعي أنّها من خسرته، وأنه من أراد لهما فراقاً قاطعاً كضربة سيف. فهو يفضل على حضورها العابر غيابا طويلا، وعلى المُتع الصغيرة ألماً كبيراً وعلى الانقطاع المتكرّر قطيعة حاسمة.لشدة رغبته فيها، قرّر قتلها كي يستعيد نفسه، وإذا به يموت معها. فسيف الساموراي، من قوانينه اقتسام الضربة القاتلة بين السيّاف والقتيل.كما يأكل القط صغاره، وتأكل الثورة أبناءها، يأكل الحب عشاقه، يلتهمهم وهم جالسون إلى مائدته العامرة. فما أولَمَ لهم إلا ليفترسهم.لسنوات، يظل العشاق حائرين في أسباب الفراق، يتساءلون: من يا ترى دسّ لهم السّم في تفاحة الحب، لحظة سعادتهم القصوى؟ لا أحد يشتبه في الحب، أو يتوقع نوايه الإجرامية. ذلك أن الحب سلطان فوق الشبهات، لولا أنه يغار من عشاقه.لذا، يظل العشاق في خطر، كلما زايدوا على الحب حبا.كان عليه إذن أن يحبها أقّل، لكنه يحلو له ان ينازل الحب و يهزمه إغداقا، هو لا يعرف للحب مذهبا خارج التطرف.رافعا سقف قصّته الى حدود الأساطير، وحينها يضحك الحب منه كثيراً، ويُرديه قتيلاً. مضرجا بأوهامه.إنّها إحدى المرّات القليلة التي تمنى فيها لو أستطاع البكاء... لكن رجلا باذخ الألم لا يبكي. لفرط غيرته على دموعه، اعتاد الاحتفاظ بها وهكذا غدا كائناً بحرياً، من ملح و.. مال .هل يبكي البحر لأن السمكة تمردّت عليه ؟ كيف يتسنى لها الهروب وليس خارج البحر من حياة للأسماك؟قالت له يوماً: «لا أثق برجل لا يبكي»أكتفى بابتسامة.