فور سماعي خبر موافقة حكومة السودان على تخصيص مليوني فدان لحكومة المملكة العربية السعودية لاستزراعها واستخدامها في تعزيز الأمن الغذائي للمملكة، قلت تلقائيا: فازت السعودية ورب الكعبة... فمثل هذه المشاريع تمثل القرارات الاستراتيجية الكبرى للدول الحية ذات الخطط القومية الشاملة، ويكفي حكومة المملكة أن تفتخر بهذا الإنجاز الضخم لو استكمل العمل به بشكل صحيح، وبدأت محاصيله بالتصدير إلى السعودية مهما كانت سلبياتها، فهو مشروع حيوي سيؤمن للمواطن السعودي الغذاء خلال القرن الحالي.

Ad

معظم الباحثين والعلماء يرون أن القرن الحالي سيكون قرن الصراع على المياه والمواد الغذائية الضرورية من الحبوب والمواد الغذائية الأساسية التي يستخدم جزء كبير منها لإنتاج الطاقة البديلة، والقارة الإفريقية غنية في مواقع كثيرة بالمياه والأراضي الزراعية الخصبة، ونحن في الكويت نعتبر في موقع ممتاز وقريب من مصادر مياه وأراض زراعية في جنوب العراق تتطلب منا أن نحاول أن يكون لنا وجود في الاستثمار الزراعي والتطوير المائي في المنطقة، وحتى في وادي الفرات بسورية، وذلك رغم المحاذير الأمنية والأوضاع السياسية غير المستقرة التي لابد أن تنتهي في يوم ما، كما أن انتهاز الفرص يتطلب المخاطرة والذكاء في التعامل مع المستجدات، لأن الفرصة التي نريد اقتناصها غالية وترتبط بتأمين حياة الشعب الكويتي المتعلقة بالماء والغذاء.

هناك مليارات الدنانير بسبب الفوائض النفطية الكويتية التي يتم المضاربة بجزء منها في البورصات العالمية، وقد خسرنا الكثير منها في تلك المضاربة، ومن الأولى أن يخصص مبلغ محترم منها لإنشاء شركة تطوير زراعي ضخمة لتكون في مواقع مهمة للزراعة والثروة المائية، لتأمين مستقبل شعبنا في ظل شح الأراضي الزراعية والمياه لدينا، فما يحدث من مشاريع مائية ضخمة من سدود وخلافه في إثيوبيا وبقية دول شرق إفريقيا مثل كينيا وتنزانيا ينبئ بمشاريع زراعية ضخمة وقريبة من موانئ يمكن نقلها إلينا في وقت مناسب، كما أن فترة الطيران من تلك الدول إلى الكويت لا تتجاوز 4 ساعات بما يمكننا من إنشاء جسر جوي مستمر على مدار العام لنقل المحاصيل الزراعية وإنشاء مصانع التعليب وإعادة التصدير في الكويت بعد تلبية احتياجات السوق المحلي، إضافة إلى عدة أفكار أخرى يمكن إنجازها لو تواجدنا في المنطقة كما تفعل عدة شركات تابعة للأشقاء القطريين حالياً.

أنا أعلم أن رئيس الحكومة السابقة سمو الشيخ ناصر المحمد وقع اتفاقيات وبروتوكولات مع دول في جنوب شرق آسيا لاستزراع أراض بالأرز لمصلحة الكويت وهو قرار مهم، ولكنه محدود الأثر ويقتصر على مادة غذائية واحدة مع دول بعيدة جداً جغرافياً، والمطلوب أن يعزز هذا القرار المهم بتوجيه حكومي سريع لهيئة الاستثمار والجهات المعنية لإنشاء شركات زراعية وتعزيز الوجود الاقتصادي والدبلوماسي في دول شرق إفريقيا وبقية الدول الإفريقية المهمة في الإنتاج الزراعي، مع استمرار المحاولات واليقظة لاقتناص الفرص على حدودنا الشمالية في المشاريع الزراعية والمائية فور توافر شروط الاستقرار والأمن في العراق وسورية.

تقدم العديد من النواب بقوانين لإنشاء شركات حكومية بعضها لا يمثل أهمية للمواطن الكويتي... فهل يتفق عدد من النواب على فكرة اقتراح بقانون استراتيجي بتخصيص مليار دولار من فوائض الدولة لإنشاء شركة استثمار زراعي كبرى تتولى استصلاح أراض زراعية حول العالم وتخصيص كل إنتاجها أو جزء منه للكويت سواء في إقليمنا أو في القارة الإفريقية... هل يفعلها نواب الأمة؟!

***

النائب د. فيصل المسلم أعلن عن رغبة النواب الذين شاركوا في اقتحام مجلس الأمة في تلبية دعوة السلطة القضائية إلى رفع الحصانة عنهم والمثول أمام المحكمة... أتمنى أن يفي المسلم بوعده ويقنع زملاءه في الأغلبية بالتصويت لمصلحة رفع الحصانة عنهم حتى لا يترك الشباب وحيدين أمام القضاء "ليشيلوا" التهم بمفردهم... ولا تكون العملية مسرحية نواب يطلبون رفع الحصانة عنهم قولاً بينما زملاؤهم من الأغلبية يبقونها فعلاً!