كوني أقل من قصيدة!

نشر في 13-09-2012
آخر تحديث 13-09-2012 | 00:01
No Image Caption
 مسفر الدوسري هل أعترف لكِ بسرّي الصغير، الذي لا أحب أن يعرفه غيري؟!

حسنٌ...

اثنتان لا أستطيع مقاومة إغرائهما ولا أريد: القصيدة، وأنثى تشبهكِ!

القصيدة لا تترك أمامي خيارات، تصرّ على كونها الخيار الوحيد، وإلا أتعبتني...

تهدّدني بأنها لن تدعني أهنأ بغفوةٍ.

ستتراءى لي كلّما أغمضت عينيّ عروسة بحر تشاركني ضفاف وسائد الأحلام، إلاّ أنها دائماً على الضفّة الأخرى!

القصيدة صعبة المزاج إذا ما أرادت أن تكون كذلك.

يصعب إرضاؤها.

تُظهر عقوبة عصيانها، وتكون قاسية بذلك، كوني على يقين بأنك ستُذهلين عندما ترين كيف لذاك الكائن الذي قُدّ من قلب، قادر على أن يكون بلا قلب تماماً!

إذا ما أردتُ الكف عن مطاردتها، راوغتني بفتنة الدلال الذي يوحي لي وكأنما أنا يئست تحديدا في الوقت الذي شارفت فيه على قطف ثمر تعبي، فأشعر بأن الدم بدأ يتسرب فجأة وبقوة في الأطراف الزرقاء الباردة، ويمنحها الطاقة لمحاولة أخرى وجدواها، فأركض محاولا عبثا الإمساك بها، وإذا ما يئست، كرّرتْ سِحْرها ذاته الذي استعملته في المرة السابقة، وكرّرتُ ما كنتُ فعلت!

أنا لا أقوى على مقاومة إغراء القصيدة، لأنني على يقين بأنها أيضا تحبّني!

فلطالما تشاركنا معاً صناعة نجوم من بصيص كلمات، وطيّرناها معاً بفرح أطفال في ليلة العيد.

ولطالما جلستُ على كرسي خشبي في مكان مزدحم فلا يراني أحد من المارة، وإذا بالقصيدة تجلس قربي، وتحتضنني باسمة، ممتلئة بالحنان.

وأشعر بدفء أنفاسها قرب أذني، بل أحس بشفتيها تلمس أرنبة أذني وتقول بدلاً: أنا معك... ألا يكفيك؟!

وأتذكّر كم كان يكفيني أنها معي، بل ويكاد يفيض من قدح اكتفائي فأقول:

أنت لا تكفينني، الحقيقة هي أنني لا أكتفي إلا بك!

أقول هذا وأنا لا أعلم إن كنت متحررا من سحرها أم لا، إلاّ أنني أعلم تماما أن هذا ما أردت قوله!

وأزيد أيضا وأقول إنني أشعر أنه أصدق ما أردت قوله.

أحبها لهذا الحد لأنني أعرف أنها تحبني.

لم تتركني يوما لجرح إلاّ ما كان منها.

القصيدة أجمل ما أحببت، لذا لا أستطيع مقاومة إغرائها، بالضبط كعدم قدرتي على مقاومة أنثى كأنتِ!

فكوني أقل جمالا سيدتي كي لا أعشقك.

كوني امرأة عادية، يتسرب الهواء من بين أصابعها لا النعناع والزعتر البري.

كوني امرأة مشغولة بتلوين مساحات الضجر المنتشرة على جسد الوقت بما يتناسب واللون "الدارج" لموضة هذا العام.

وليس امرأة مشغولة بغزل شالٍ يتماشى ولون قزح المشاعر، ليدفئ قلبين كلما هبّت رياح الشتاء.

كوني أقل جمالا.

لا تملئي عينيك بالغابات الاستوائية.

لا تنثري في سهول عينيك قطيع الغزلان.

ولا تخبئي خلف ظلال جفونهما غدران الماء، ورائحة النبات، وسجلاّ يحمل صور الهويات الشخصيّة للمفقودين في غياهب مجهولهما.

كوني امرأة لا يحبّني الشعر من أجلها، ولا يحاول التسلل من خلالي إليها.

كوني امرأة لا يصادقني الشعر كرماً لخاطر رضاها، أو كرما لخضرة عينيها!

 

back to top