لا أظن أن أحداً من القراء اليوم لا يعرف ما "الهاشتاق" بعد هذا الانتشار الرهيب لشبكات التواصل الاجتماعي، ولكن لمن لا يعرفونه لأنهم لا يزالون بعيدين عن هذه التقنية العصرية التي اجتاحت العالم من أقصاه إلى أقصاه، فسأقول بأنها كلمة إنكليزية تستخدم بين مستخدمي هذه الشبكات، وبالأخص "تويتر"، لتدل على طريقة كتابية يتم بها تبويب الموضوعات المطروحة، وذلك لتسهل متابعتها والبحث عن كل ما يطرح فيها بواسطة محركات البحث مثل "غوغل" وغيره.
وقد تمت ترجمة الكلمة عربيا إلى "وسم"، ولكن لم أجد حتى الآن ميلاً لاستخدام هذه الترجمة بين مستخدمي الشبكات، وأظنها لن تنتشر كما لم تنتشر لفظة "حاسوب" وظل الناس متمسكين بلفظة "كمبيوتر"! وأما حكاية أني أنا "الهاشتاق"، فمنذ أيام معدودة قام أحدهم بكتابة "هاشتاق" باسمي كالتالي: "#ساجد_العبدلي" ليثار تحته موضوع قيامي بالإعلان عن عقد دورة تدريبية بعنوان "كيف تصبح مغرداً محترفاً؟"، لينتشر "الهاشتاق" بين مستخدمي هذه الشبكات بسرعة البرق، فيكتب فيه الآلاف من المغردين من الكويت والخليج بل العالم العربي أجمع.والحقيقة، أني كنت دوما من معارضي فكرة أن يقوم الشخص بعمل "هاشتاق" باسمه، فالشخص ليس موضوعا لكي يفعل ذلك، ما لم يكن من العظماء أو المشهورين جداً ربما، وأما الحجة بأن البعض "يهشتق" نفسه كي يقوم بجمع موضوعاته وأفكاره المميزة تحت هذا "الهاشتاق" ليمكن الاستدلال عليها لاحقا فليست مقنعة لي، وذلك لأنه يمكن الاستدلال على الشخص من اسم حسابه، وتصنيف الموضوعات ممكن أيضا من خلال خيار عمل القوائم وهو الموجود أساسا في بنية برنامج "تويتر" نفسه.لكن بما أن القوم قد رأوا أني أستحق أن أكون موضوعاً ينشغلون به طوال يومهم ذاك، فجعلوا من اسمي "هاشتاق" بلغ الآفاق وعلق عليه القاصي والداني، فلا مشكلة عندي في ذلك، بل يسرني اليوم أن أتبنى "الهاشتاق" شخصياً، فأقوم بتوظيفه بشكل إيجابي لنشر بعض الموضوعات، مادام أنه قد انتشر بهذا الحجم الكبير، وصار يتابعه المئات بل ربما الآلاف ممن لا يتابعون حسابي الشخصي في "تويتر" بشكل مباشر.انتشار "هاشتاق" #ساجد_العبدلي في ذلك اليوم هو تجربة ثرية بالنسبة لي شخصياً، مازلت أعكف على محاولة دراستها والاستفادة منها إلى أقصى حد. لكنني أستطيع الآن أن أحصر بعض ما توصلت إليه من خلال التفكر في الأمر ومناقشته مع بعض المهتمين والمتابعين.من شاركوا في "الهاشتاق" انقسموا إلى فئات، دون الدخول في تحديد أيها مثلت النسبة الأكبر أو الأصغر لأني لا أمتلك المعلومة حتى الساعة. هناك من شارك استنكاراً لفكرة الدورة، من باب أن التغريد في "تويتر" لا يحتاج إلى دورات أصلاً، وهناك من شارك استنكاراً لسعر الدورة برأي أنها غالية ولا تستحق هذا السعر، وهناك من شارك لأنه يرفض فكرة الدورات التدريبية مطلقاً ويراها "ضحك على الذقون" وأني واحد من أولئك النصابين، وهناك من شارك لأنه يخاصمني سياسياً فوجدها فرصة للضرب، وهناك من شارك لأنه يرفضني شخصياً فوجدها سانحة للتجريح، وهناك من شارك لأنه وجد الناس محتشدة في "الهاشتاق" فركب معهم بلا معرفة ولا إدراك لما يجري وصار يدندن على النغم، وهناك من وجدها فرصة لإطلاق النكات والمزاح، وهناك وهناك غيرهم فئات أخرى. وهؤلاء على اختلافهم، ساهموا جميعاً في ذلك الانتشار الرهيب لـ"الهاشتاق"، وهو الأمر الذي جعلني أترقب منه أن يصل إلى العالمية، إلا أنه لم يحصل للأسف، بعدما تشتتتْ جهود المشاركين في منتصف النهار على أكثر من "هاشتاق" واحد، دارت جميعها حولي!حكاية هذا "الهاشتاق" وانتشاره بهذه الطريقة المدهشة، هي درس بحد ذاتها على قوة شبكات التواصل وقدرتها على الاختراق والوصول، الأمر الذي جعل والدتي حفظها الله، وهي البعيدة كل البعد عن هذه الأمور تسألني بالأمس عن الحكاية، وجعل أحد الإخوة الكرام يستوقفني في الطريق عند إحدى الإشارات الضوئية بعدما عرفني، ليفتح معي الحكاية. وهذا الدرس يجب أن يجعل الجميع يعيد التفكير بأهمية توظيف هذه الشبكات بشكل محترف، وبطريقة مدروسة، للاستفادة منها حتى الحد الأقصى لنشر وتسويق أفكاره ومنتجاته، ثقافياً أو فكرياً أو دعوياً أو تجارياً أو غير ذلك، وهو الأمر الذي قد أصبح اليوم حقيقة واقعة في الغرب، حيث صارت الجهات الرسمية والتجارية وغيرها، تنفق الأموال الطائلة عليه.حكاية هذا "الهاشتاق" #ساجد_العبدلي، وقبل ذلك حكاية الشبكات الاجتماعية عموماً، و"تويتر" على وجه الخصوص، وكيفية توظيفها والاستفادة منها بشكل سليم ومدروس، وباحترافية عالية، هو ما سأقوم بطرحه بإذن الله وشرحه ومناقشته بالتفصيل في دورة "كيف تصبح مغرداً محترفاً؟"، وكلي حماس وترقب لذلك.جزيل الشكر لمن سيشاركون في الدورة، ولكل من ساهم في صناعة ونشر وإعادة تدوير هذا "الهاشتاق" القوي الذي استفدت منه كثيراً، وسأستفيد أكثر في القادم من الأيام بإذن الله، والشكر الخاص لمن كتب كلمة منصفة في حقي مقابل ذلك الحشد الكبير من التهجم والتجريح والذي تجاوز المقبول والمعقول دون سبب مقنع، وكل "هاشتاق" والجميع بخير وسعادة!
مقالات
أنا الهاشتاق... والهاشتاق أنا !
05-04-2012