السعدون: لا يمكن تبني مشروع تنمية بوجود انفراد في السلطة... والصدام السياسي يدخلنا في مرحلة حرائق

نشر في 23-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 23-10-2012 | 00:01
No Image Caption
• استخدام المال العام مطلوب لكن يجب ألا يكون عشوائياً

• الحكومة أضعفت الثقة بينها وبين الشعب مع تغيير قانون الانتخابات

قال السعدون إنه يدعم أي جهود تؤدي إلى حماية النظام الاقتصادي بشكل كلي، والحماية صنفان: إطفاء حريق إذا كان هناك حريق، والآخر البناء على قواعد سليمة إذا كانت هناك قواعد سليمة، موضحاً "أننا الآن في مرحلة إطفاء الحريق، وهناك فريق حكومي يبدو أنه بدأ يوقن أن هناك مشكلة في الضغط وتدهور قيم الأصول".

أكد رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستثمار جاسم السعدون أن تأثيرات الصدام السياسي الحالي ستمتد الى الاقتصاد بشكل عام، مضيفا أن الاقتصاد يتحمل في الأحوال العادية بعض الهزات السياسية، لكن إذا كان العمل هو انفراد السلطة فإنه لا يمكن تبني مشروع تنمية يتطلب قرارات غير شعبوية ضمن هذا الشعور العام بأن هناك استبعادا كبيرا لشريحة كبيرة من الناس.

جاء ذلك خلال تصريحاته للصحافيين على هامش انعقاد الجمعية العمومية العادية وغير العادية التي انعقدت بنسبة حضور بلغت 85 في المئة ووافقت على مجمل بنودها بما فيها تزكية مجلس الإدارة الحالي لفترة انتخابية جديدة وكذك زيادة رأس المال من 15 مليون دينار إلى 16.125 مليون دينار.

وقال السعدون ان المال العام يجب ألا يتم استخدامه بشكل عشوائي ولا لرفع أسعار الأصول، وإن استخدم بهذا الشكل فهو كارثة، وأزمات العالم على مدى 400 سنة لم تثبت حالة واحدة نجح فيها استخدام المال العام بشراء أصول عشوائية، وأوضح السعدون أن شراء الأصول عن طريق المال العام يتم بحالتين، الأولى هي عندما يكون هناك ضغط على الأسعار يذهب بقيم الأصول إلى ما يسمى بالضغط، الذي يهوي بقيم الأصول لكي تصبح أقل من قيمتها الحقيقية وفي بعض الأحوال أقل حتى من قيمتها الدفترية، وبالتالي يكون هنا الشراء من أجل الاستثمار والفارق هو الزمن، فهناك حكومات يكون لديها صبر أكثر وتقوم بشراء الأصول ليس لخدمة طرف ما بل لوقف التدهور في أسعار الأصول لأنه في هذه الحالة إن استمرت الأسعار بالتدهور فإن المشكلة تنتقل من مشكلة أفراد إلى مشكلة للقطاع المصرفي الراهن لهذه الأصول وتتحول بالتالي إلى مشكلة نظامية.

وأضاف السعدون أن الهدف الثاني من تدخل المال العام هو التعامل بشكل مسبق مع معطيات المخاطر على القطاع المصرفي، وبالتالي معالجة مشكلة القطاع المصرفي، وهذا ما تم الإعلان عنه عند إقرار قانون الاستقرار المالي، مؤكداً أنه دائماً مع مبدأ تدخل المال العام لحماية النظام الاقتصادي ككل لا أن يكون حمايةً لطرف ما.

وقال السعدون انه يدعم أي جهود تؤدي الى حماية النظام الاقتصادي بشكل كلي، مشيرا الى ان الحماية صنفان، الأول إطفاء حريق إذا كان هناك حريق، والاخر البناء على قواعد سليمة إذا كانت هناك قواعد سليمة.

واوضح أننا الآن في مرحلة إطفاء الحريق وهناك فريق حكومي يبدو أنه بدأ يتيقن أن هناك مشكلة في الضغط وتدهورا في قيم الأصول وأن الحكومة ضامنة لودائع وأن إجمالي ودائع القطاع الخاص في المصارف بلغت 27.5 مليار دينار وأنه لا مصلحة لأي أحد في أن تتدهور أوضاع المصارف وبالتالي تنفيذ شرط ضمان الودائع.

مرحلة حرائق

وأضاف السعدون أن هناك مشكلة في مرحلة الحرائق الني نعيشها الآن، موضحاً أنه لو أخذنا أرباح الشركات المدرجة بين الربع الاول والثاني خلال العام الحالي سنجد أن هناك انخفاضا في أرباح الشركات بنسبة 46 في المئة، وهناك مؤشر آخر وهو أنه ضمن أرباح الشركات في النصف الأول من العام الحالي مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي نلاحظ أن سبب انخفاضها هو 3 شركات قيادية، وهذا يعني أن الانخفاض لم يعد يطال الشركات الورقية فحسب بل حتى الشركات القيادية والتشغيلية.

وأشار السعدون إلى أنه يمكن أن يوجه استخدام المال العام إلى شركات تشغيلية بغض النظر عن ملاكها ولكن بهدف انقاذ الاقتصاد الكلي وهي تمثل رهونات البنوك قبل الدخول في مرحلة التضخم السالب مثلما حدث عام 1989.

قانون الانتخابات

وفيما يتعلق بمرسوم الضرورة الأخير الذي أصدرته الحكومة بشأن إجراء انتخابات نيابية وفق آلية الدوائر الخمس وصوت واحد، قال السعدون ان استخدام المال عادةً يتم بوجود اتفاق عام عليه ويفقد شرعيته دون وجود هذا الاتفاق، لكن مع خطوة الحكومة بإصدار مرسوم الضرورة فإن مرحلة الثقة أُلغيت، بل أعتقد أننا داخلون إلى مرحلة سيئة لغياب حوار العقل المؤدي الى شرعنة أي عمل تقوم به الحكومة، لأن أي عمل سيدخل من ضمن هذا الحس السياسي وسيصبح هناك إسقاط شعبي سلفاً لمجرد أن هناك خصومة حادة جداً، وأعتقد أن الحكومة ارتكبت خطأ جسيماً.

وقال: "في السابق عندما كانت بعض القوى السياسية تدعو إلى تجمعات ساحة الإرادة كان الحضور في أحسن الأحوال يصل إلى 5-6 آلاف لكن الحضور وصل امس الاول إلى 50 ألفا وأكثر حسب التقارير الإخبارية، وهذا الرقم يعني في حساب التظاهرات المصرية انه مقابل كل ألف مواطن كويتي هناك 75 ألف مواطن مصري أي اننا بلغنا حدود الـ4 ملايين مواطن مصري وبالتالي هي أكثر من مليونية، وهذا تطوع من الحكومة للإضرار بنفسها وبالتالي الإضرار بالاقتصاد واحتمالات إصلاحه، لذلك أعتقد أن ما حدث كان خطأ جسيما أتمنى أن نعود عنه".

وأكد السعدون أن الدول لا تُدار بالغضب ولا بردود الفعل بل بوسائل قياس تحلل ثم بعدها نصل الى قرار يفترض أن يكون صحيحاً، وكمثال، أمس الاول ارتكبت الحكومة خطأ ونشرته في وسائل الإعلام وهو جمع كل الأسرة الحاكمة بمكان واحد بدعوة أن الأسرة موحدة، هي موحدة ضد من؟!

وقال السعدون: "في النهاية ليس هناك رابح بل الكل خاسر إن استمررنا بالسير بهذا المسار، وليس من أخلاق ولا قيم الكويت أن نرى ما رأيناه في المظاهرة الأخيرة لكنه حدث بالفعل، والآن علينا أن نتراجع في خطوة مبكرة ونعيد الأمور إلى نصابها، وما أوصلنا إلى هذه المظاهرات الكبيرة هو تراكم الأخطاء الناتجة عن استماع الحكومة لنصائح رديئة، فلو سقط في المظاهرات – لا سمح الله – ضحية فهل يستحق الأمر كل هذه المشاكل؟

مبادئ الديمقراطية

وأضاف السعدون ان المبدأ العام في الديمقراطيات هو إما أن تكون ديمقراطية أو لا تكون، والمبدأ العام هو أن يتم تشكيل الحكومات وفق نتائج الانتخابات البرلمانية، لكن في الكويت يتم حل 4-5 مجالس لكي يأتي مجلس الأمة على هوى الحكومة الثابتة، نحن نصر على أن العربة يجب أن تكون أمام الحصان وليس العكس، لا يمكن أن نسير بهذا الطريق وعلينا أن نفكر بشكل صحيح وعلينا أن نعدل مسارنا، والمشكلة الكبيرة هو أن نقلد ما فعلته الحكومات التي سقطت في الدول العربية، فهل كانت هناك مجالس أمة "إمعات" أكثر مما كانت في الدول العربية أثناء الحكم السابق، فما الذي أفاد الحكومات؟

من جهة ثانية، أشار السعدون إلى أننا إن أخذنا تجارب الماضي التي جرى فيها حلان غير دستوريين للمجلس، فإننا نجد أن كل تدخلات الحكومة التي حدثت بعد الحل فاسدة، لأنها تبحث عن مؤيدين ولا تبحث عن إصلاح اقتصادي وأعتقد أن جزءا من النصح الذي قُدّم إلى الحكومة هذا غرضه هو التقرب من الحكومات في القادم من القرارات الاقتصادية للغرف من خزائن الدولة، وبالتالي ليس من الممكن أن ننظر للخطوات القادمة على أنها بريئة كونها ليست تحت رقابة وتأييد شعبيين ولا حتى شعور شعبي بأن الحكومة والمجلس يمثلان الرأي العام، وتوقع أن الحكومة دفعت بالفعل عن طريق المحفظة الوطنية ولكن لا يعني ذلك حلاًّ بل كما لو أنها تقوم بـ"وضع القمامة تحت السجاد" وليس التخلص منها بشكل رئيسي.

نتائج «الشال» المالية

وفي تقرير مجلس الإدارة، أشار السعدون إلى أن السنة الماضية هي السنة الأولى للشركة منذ تأسيسها التي تحقق فيها خسائر بلغت نحو 1.984 مليون دينار كويتي، وجاءت غالبية الخسائر من مصدرين، الأول أثر بعض النتائج السلبية لشركات زميلة، وانعكست على الشركة بخسائر بحدود 824 ألف دينار كويتي، والثاني خسائر بنحو 372 ألف دينار كويتي تسببت فيها إعادة  تقويم استثمارات عقارية، حدث ذلك رغم تحوطنا الشديد في انتقاء وإدارة استثماراتنا، وفي التقويم المتحفظ دائما بأسعار أصولنا بما مكننا من الاستمرار في تحقيق ايرادات سنوات الأزمة المالية العالمية الثلاث 2008 و2009 و2010، ولكن الأزمات المتلاحقة مثل انتكاس الوضع الأوروبي في عام 2011 واسقاطاته السلبية على الاقتصاد العالمي، وأحداث الربيع العربي حيث تقع بعض استثماراتنا المباشرة، وعدم تحسن بيئة الاقتصاد المحلي لضعف في ادارته، استنفذت كل رصيدنا من التحوط.

وأضاف: "رغم ذلك، لم تنشأ الشال وتعمل على أسس قصيرة الأمد، واستمرت في عام 2011 بتعزيز جهازها البشري من أجل المستقبل، وزادت مصروفاتها بنحو 11 في المئة في عام الخسائر، أو إلى نحو 1.383 مليون دينار كويتي، وكانت الزيادة في بند تكاليف الموظفين نحو 20 في المئة.

واشار الى ان "الشال" تحاول تكوين أعلى رصيد ممكن من مخزون الخبرة في التعامل مع تداعيات الأزمة، وتقبل القيام بأعمال الدراسة واعادة الهيكلة بأدنى عائد يمكن احتماله، كما تحاول فتح خطوط انتاج جديدة لها مع الابقاء على اختصاصها في الاستثمار المباشر وهويتها الاستشارية.

وقال ان "الشال" واقعة ضمن أكثر القطاعات إصابة وهو قطاع الاستثمار كما أنها مستقلة تماما، أي لا تلجأ الى أي مصدر لدعمها في ظروف الأزمة، ورغم تحقيقها لخسارتها الأولى منذ تأسيسها، فإن قيمة أصولها ظلت بحدود 22.8 مليون دينار كويتي، بانخفاض نسبته 8 في المئة عن مستوى عام 2010. وظلت مطلوباتها رغم ارتفاعها بنسبة 6 في المئة بحدود 6.5 ملايين دينار كويتي، أو نحو 28.3 في المئة من قيمة أصولها، وانخفض بند حقوق المساهمين بنسبة 13 في المئة أو إلى 16 مليون دينار كويتي، وتمثل المطلوبات نحو 40.2 في المئة فقط من هذه الحقوق، وهي واحدة من أدنى، أي أفضل، النسب في قطاع الاستثمار.

زيادة رأس المال

وأضاف السعدون ان مجلس الادارة العمومية غير العادية اوصى بالموافقة على زيادة رأسمال الشركة بنحو 7.5 في المئة بالسعر الاسمي أي 100 فلس للسهم أو أدنى قليلا من قيمته الدفترية، لتوفير السيولة اللازمة، إذ يبدو ان خطوط الائتمان المصرفي ستبقى شبه متوقفة، ومازال عملاء الشركة ولأسباب نفهمها ونقدرها يشكون في شحة السيولة، وفي الأحوال العادية، وحتى تلك التي تشوبها بعض الصعوبة، لا ينصح باللجوء إلى زيادة رأس المال في ظل مؤشرات اقتراض متدنية، أي وضع مالي سليم، كما هو الوضع في "الشال"، ولكنه اجراء تفرضه الظروف الخارجية العامة، الاستثنائية إلى درجة لم يشهدها العالم منذ قرابة الـ80عاما.

تطورات الأزمة

قال السعدون ان هناك احتمالين، الأول وهو ضئيل هو أن تقرأ المؤشرات بشكل صحيح ونعرف أننا في النهاية سنصل بالمجلس إلى مجالس شبيهة بالمجالس العربية في الدول التي سقطت أو مجلس وطني كما حدث بداية التسعينيات من القرن الماضي، ثم التراجع الذي لا بأس أن يكون ضمن توافق مقبول دون أن يذهب طرف ما ليتقوّل على الطرف الآخر، أما الاحتمال الآخر فهو أن يستمر من يزيّن للحكومة قضية «الهيبة» وفرض القوة وهي قضية خاسرة حتماً لم تنجح في الدول الأخرى وبالتأكيد لن تنجح في الكويت وهذا ما لا نتمناه.

ضد الأسرة!

تساءل السعدون: لماذا تحاول الحكومة تصوير الناس على أنهم ضد الأسرة الحاكمة؟

يفترض أننا في دولة مدنية يحكمها الدستور، وأمس الاول جمعت الحكومة خمسين مواطناً ممن أسمتهم وجهاء وشيوخ القبائل لكي يعطوها التأييد، هي لا تحتاج الى التأييد من مؤسسات غير دستورية، في المقابل خرج ضدهم عدد ضخم من الشعب الكويتي في مظاهرات امس الأول، ولو قرأت الحكومة هذا العدد كمؤشر حكيم يفترض أن تجتمع مرة ثانية وتقر بارتكابها خطأ وتلغي المرسوم الصادر منها – وهو شجاعة وليس جبناً – لتفادي أخطاء الحكومات في الدول التي حدث بها الربيع العربي الذي أتمنى ألا نصل حتى إلى قريب منه.

سقوط النظام الاقتصادي

أكد السعدون أنه ما لم يكن النظام السياسي صحيحا فإنه حتماً سيؤدي إلى سقوط النظام الاقتصادي، والغرض هو أن يكون هناك دائماً مبدأ سلمي للتغيير، وكنا متقدمون جداً في الستينيات من القرن الماضي عندما تبنينا هذا النظام لكن يبدو أن هناك عودة عنه في الفترة الحالية.

back to top