كان متوقعاً هذا الموقف الحاسم والشجاع الذي اتخذه "كاك" هوشيار زيباري في مؤتمر قوى وفصائل المعارضة السورية الذي انعقد أمس الأول الاثنين في القاهرة، فهو صاحب معاناة قاسية عاشها الشعب الكردي الذي كان مناضلوه يوصفون بما يوصف به مناضلو الشعب السوري الآن... بأنهم شذاذ آفاق وأنهم فصائل إرهابية وأنهم يعملون لحساب أجندات خارجية، وأنهم عملاء للإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية، وأنهم مجندون لضرب وحدة العراق واغتيال مسيرته التقدمية، وأن هدفهم هو قطع الطريق على الوحدة والحرية والاشتراكية. إنه من غير الممكن أن يبقى "كاك" هوشيار زيباري، الذي ذاق مرارة التشرد والملاحقة واللجوء في دنيا الله الواسعة التي كانت ضيقة عليه وعلى شعبه وعلى قوى التحرر الكردستانية إن في العراق وإن في إيران وفي تركيا وفي دولٍ أخرى، يغطي موقفه الحقيقي تجاه ما يجري في سورية بمستلزمات وزارة الخارجية في بلد كالبلد الذي هو وزير خارجيته البارع حيث هناك عدم وحدة موقف بالنسبة للمكونات السياسية المختلفة الولاءات والمشارب والتي ولاء بعضها المطلق مجيّرٌ للولي الفقيه في طهران أكثر من ولائها لبلدها بلاد الرافدين. ربما أن هوشيار زيباري، الذي عاش أجواء ومآسي مذابح "حلبجة"، والذي ذاق طعم مرارة هدم المدن والقرى وتشريد الناس وملاحقتهم في كل جبال كردستان الشاهقة التي كانت ولا تزال ملاذ الهاربين بقناعاتهم من الأكراد والعرب ومن غيرهم، كان مضطراً إلى سياسة المساحات الرمادية، بالنسبة للأزمة السورية وإلى سياسة الإمساك بالعصا من منتصفها مراعاة لأوضاع العراق الداخلية، لكن وقد وصل الوضع السوري إلى ما وصل إليه، ووصل التدخل الإيراني السافر في سورية إلى ما لم يعُد بالإمكان احتماله، فإنه كان لابد من هذا الموقف الشجاع في المؤتمر الذي عقدته المعارضة السورية في القاهرة برعاية الجامعة العربية. لا شك في أن هوشيار زيباري بهذا الموقف الذي يستحق التقدير والإشادة الذي اتخذه قد عكس وجهة نظر قطاع عريض من الشعب العراقي الذي كان قبل أقل من عشرة أعوام يعيش ظروفاً قريبة من هذه الظروف التي يعيشها الشعب السوري الآن والذي هو بدوره، أي الشعب العراقي، كان قد تعرض للويلات والمذابح الجماعية والتشريد والانتثار في أربع رياح الأرض خلال حكم أنظمة الانقلابات العسكرية التي تلاحقت بعد ذلك الانقلاب الاسود في السابع عشر من يوليو (تموز) 1958 الذي تعهد منفذوه ضد النظام الملكي المتسامح بأن البلاد ستمتلئ عدلاً وحرية بعد أن امتلأت جوراً! إن الأساس أن هذا الإنسان الطيب الذي يتكئ على خلفية عنوانها الانعتاق وتقرير المصير والحريات العامة لم يسمح له ضميرهُ بأن يبقى يهرب من مواجهة الحقائق المتجسدة دماً ومذابح في سورية، وأن يبقى يتخذ موقف اللاموقف فكان لابد من أن يتخذ هذا الموقف الذي اتخذه فـ"الطبع غلب التطبع"، وطبع هوشيار زيباري هو الانحياز الى المظلومين والمضطهدين لأن مسيرة شعبه الكردستاني على مدى نحو قرن وأكثر كانت مسيرة كفاح وشهداء أبرار ومسيرة تشريد ومذابح وملاحقات.
أخر كلام
زيباري... عودة إلى الصح!
04-07-2012