يبدو أن كتلة الأغلبية غير متجانسة إلى الآن، وحتى وثيقة الأولويات المتفق عليها مازالت تترنح أمام بعض الأجندات الخاصة والطارئة، الأمر الذي قد يشغل النواب عن تقديم ما هو الأفضل للشعب الكويتي وفرض هيبة الدولة وإعلاء مبدأ سيادة القانون والتمهيد للارتقاء بمستوى الخدمات العامة.

Ad

كتلة الأغلبية في مجلس الأمة اكتسحت صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة، وعبرت قطار النجاح بمجموعة من العربات شملت رموزاً سياسية كبيرة في بعضها، وفي بعضها الآخر احتوت حزمة من شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد بما فيها ملف "الإيداعات المليونية" وفساد نواب الأمة، كما ارتفعت في بعض مقطوراته أيضاً نبرات التعصب والطرح الطائفي العالية.

ومع ذلك كان الرهان على مدى تماسك هذه الكتلة أمام كتلة الأقلية من جهة، وهي كتلة أيضاً وصلت من خلال الطرح الفئوي والطائفي المقابل وحملت أجندة لمشاكسة الأغلبية، ومن جهة أخرى كان الرهان على تماسك هذه الجبهة أمام تنوع وتباين أعضائها وقدرتها على ترجمة شعارات الحملة الانتخابية في الإصلاح.

وإذا كان يحسب للأغلبية النيابة الحالية إصرارها على متابعة ملف "القبيضة" وفضيحة "التحويلات الخارجية" وتدشين عمل المجلس بتشكيل لجان تحقيق للخوض في تفاصيل هذا الفساد، بل ونجاحها في إحضار أكبر المسؤولين في الدولة للاستماع إلى شهاداتهم على أمل أن تكون هذه القضايا عبرة لمن تسول له نفسه نهب أموال البلد، وهذا ما ينتظره الجميع بفارغ الصبر، فإن مثل هذا النجاح يعتبر منقوصاً إذا لم يتوج بإنجازات مهمة على الصعيد التشريعي أيضاً.

فعلى مستوى العمل التشريعي، يبدو أن كتلة الأغلبية غير متجانسة إلى الآن، فحتى وثيقة الأولويات المتفق عليها مازالت تترنح أمام بعض الأجندات الخاصة والطارئة، الأمر الذي قد يشغل النواب عن تقديم ما هو الأفضل للشعب الكويتي وفرض هيبة الدولة وإعلاء مبدأ سيادة القانون والتمهيد للارتقاء بمستوى الخدمات العامة، ومن أمثلة هذه التشريعات إصلاح المرفق القضائي وحزمة قوانين مكافحة الفساد والتفكير الجاد في تعديل الدوائر الانتخابية وإصلاح خطة التنمية وجعلها قابلة للتطبيق والمتابعة والمحاسبة، إضافة إلى ملف الوحدة الوطنية.

وقد يكون الاندفاع وراء قضايا هامشية أو اللجوء المبكر إلى الاستجوابات في ظل هاجس الدعوة إلى حل مجلس الأمة من الأمور التي قد تصيب هذه الكتلة الكبيرة في مقتل مبكراً، فتضيّع بذلك على نفسها فرصة تاريخية لإتمام أهم حقبة تشريعية تحتاج إليها الكويت الآن وفي المستقبل، فهل ترجع هذه الكتلة إلى العقل والمنطق والثقة بالنفس أم تتلاعب بها الهواجس والمراهقة السياسية والعناد ضد أقلية لا حول لها ولا قوة لتعيدنا إلى نقطة الصفر!