ملتقى النهضة ... وظلم ذوي القربى
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
لن أدافع عن الشيخ العودة، فهو ليس بحاجة إلى ذلك، فالرجل اليوم علم ورمز، لا أشك شخصياً للحظة بإخلاصه لهذا الدين ولهذه الأمة، ولا أزكي على الله أحداً، وكفى به فخراً أن يتقاطر كل هؤلاء للنيل منه والتجريح به عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأن تصل بهم الحال إلى تأليب الأنظمة والسلطات ضده، وألا يرد عليهم ولا بكلمة واحدة، فلله درك يا شيخ سلمان. وأما رفض استخدام عنوان "الدولة المدنية"، وحتى من قبل أن يطلع الإنسان على تفصيلات المقصود، فهو يدل على ضعف فهم للمراد، لأن دولة الإسلام التي نؤمن بها ونريدها هي دولة مدنية خالصة، وليست دولة غوغائية، بل إن ممارسة رفض الآخر وإقصائه، حتى من قبل أن يقول شيئاً كما حصل مع ملتقى النهضة، هو رأس الغوغائية والفوضى!أما مسألة رفض الأسماء بسبب توجهاتها، ما بين من هو "شيعي" ومن هو "ليبرالي" ومن يتهمونه "بالإلحاد"، فالغريب حقاً أن هؤلاء جميعاً ليسوا من النكرات غير المعروفين، الذين جاء الملتقى ليظهرهم، بل هم من المعروفين ممن لهم قنواتهم الإعلامية ومنابرهم التي كانوا يبثون من خلالها ما لديهم من أفكار وطروحات بكل حرية، وإن كان هناك من سيتأثر بهم فلن يمكن منعه، وبالتالي فإن استضافتهم اليوم في "ملتقى النهضة" مع غيرهم، ليتحدثوا ومن ثم مناقشتهم، لن يغير من الأمر شيئاً، خصوصا أن الملتقى، وبالرغم من كونه علنياً، هو ملتقى نخبوي لا يأتيه إلا من يعرفون ماذا يريدون، وماذا يفعلون، كحال كل المنتديات الفكرية والثقافية العميقة! "ملتقى النهضة" ليس على غرار ملتقيات الرأي الواحد، التي لا يخرج محاضروها عن ذات المدرسة الفكرية، كائناً ما كانت هذه المدرسة، لكنه ملتقى حر متعدد التوجهات، وإن في إطار منضبط.لكن ما اتضح لي اليوم، هو أن القوم يخافون هذه الحرية وهذا الانعتاق، لأنه شيء لا يفهمونه، وفي ذات الوقت لا يقوون على الوقوف أمامه فكرةً لفكرة، لذلك هم يسعون إلى تعطيله وإيقافه.ومع ذلك، فهذه الضجة التي قامت ضد "ملتقى النهضة" لا تقلقني، حتى لو تمكنوا من تعطيله هذا العام، لأنه زاد من شهرته ومعرفة الناس به أضعاف ما كان في السابق، حيث شاهد محاضرتي فيه، على سبيل المثال، أضعاف من شاهدوها يوم ألقيتها العام الماضي، وسرعان ما سيجد الملتقى لذلك مكانا أفضل للانعقاد، وسيجد له كذلك دعماً أكبر وحضوراً أكثر، وسيكون له التأثير الأوسع.وفق الله القائمين على "ملتقى النهضة"، وأثابهم بظلم الناس لهم، خصوصا ذوي القربى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.