لا شيء أكثر استخفافاً بعقول البشر من أنْ تبقى روسيا تتحدث عن رفضها للتدخل في شؤون سورية الداخلية والإصرار على أن يكون حل هذه الأزمة المستعصية في هذا البلد من الداخل لا من الخارج، وكل هذا مع أن التدخل الروسي في الشأن الداخلي لهذه الدولة العربية قد تجاوز كل الحدود بالسلاح والقواعد البحرية وبالمخابرات والخبراء وبالمال وبالمواقف السياسية وبمنع مجلس الأمن الدولي من أن يقوم بواجبه تجاه شعب بقي يُذبح بطرق مرعبة وبوسائل همجية على مدى عامٍ كامل وأكثر.

Ad

وهذا أيضاً ما بقيت تقوله إيران، فهي تعلن يومياً رفضها لأي حلول خارجية للمأزق السوري ورفضها لأي تدخل خارجي في الأزمة السورية بينما هي متورطة في مثل هذا التدخل بكل شيء حتى بالمقاتلين من فيلق القدس التابع لحراس الثورة، وحقيقة أن هذه الأكاذيب المخجلة باتت مكشوفة للعرب والعجم والعالم بأسره فحبل الكذب قصيرٌ كما يُقال، ولذلك وإذا كان الإيرانيون والروس قد استطاعوا تمرير بعض أكاذيبهم هذه على بعض الناس في البدايات فإنهم مع الوقت أصبحوا مكشوفين وعُراة أمام كل معني ومتابع.

عندما يجزم لافروف أكثر من مرة بأن نظام بشار الأسد صامد ولن يسقط ويرد عليه الولي الفقيه علي خامنئي بالتأكيد على أن إيران ستقاتل إلى جانب هذا النظام وستمنع سقوطه وكذلك أيضاً عندما يسارع نوري المالكي المتخم بداء الطائفية الكريهة حتى حدود الغثيان، ليكون له لحن في هذه المعزوفة، فإن هذا يعني أن الشعب السوري يواجه حلفاً غير مقدسٍ، وأنه لا يواجه فقط قوات هذا التحالف العائلي الحاكم في سورية.

أمس الثلاثاء العاشر من أبريل الحالي بدأت مبادرة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان تلفظ أنفاسها الأخيرة، والمؤكد أن وفاتها بعد كل هذه الحشرجة المكلفة ستستكمل غداً الخميس، وهذا يعني أن كل ما كان قيل في مؤتمر إسطنبول قبل أيام وكل ما تضمنه بيان مجلس الأمن الدولي الأخير بات على المحك، وأنه إذا سارت الأمور في مسارها الصحيح فإنه ستكون هناك مواجهة سياسية وربما عسكرية حاسمة بين أكثر من سبعين دولة من دول العالم، بينها عدد من الدول العظمى، وبين هذا التحالف غير المقدس الذي تقوده روسيا.

لقد كانت هذه المبادرة، أي مبادرة كوفي أنان، بالأساس من قبيل :"لاحق الفشار حتى باب الدار"، وكان معروفاً أن هذا النظام لن يلتزم بما تعهد به، وأنه سيستغل المهلة التي أُعطيت له والتي انتهت أمس الثلاثاء ليحسِّن مواقعه على الأرض وليعطي لنفسه دفعة جديدة للاستمرار بأكاذيبه ومناوراته وألاعيبه، لكن ومع ذلك، فقد كان لابد من هذه الجولة السياسية لنزع كل الحجج من أيدي المترددين وليصبح أيُّ إجراء ضد هذا النظام المخادع والمناور، حتى بما في ذلك احتمال اللجوء إلى القوة العسكرية، مبرَّراً ومقبولاً من كل الأطراف المعنية.