الكويتيون والانتخابات الأميركية!
انتخابات الرئاسة الأميركية، خصوصاً في السنوات الأخيرة، أصبحت مثيرة ومشوقة ليس فقط لأنها تحدد مسارات القرار الدولي سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، بل لأنها تحمل دلالات ومؤشرات جديدة غاية في الأهمية قد يكون من المفيد استعراض بعضها.ولعل من أهم النتائج العامة والمباشرة للانتخابات الأميركية أن الشعب الأميركي يعيش انقساماً حاداً بل صعباً حول كيفية المضي قدماً في كيفية إدارة أقوى دولة في العالم فيما يتعلق بالسياسات العامة، وخاصة الاقتصاد والإنفاق الحكومي على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والتوظيف والسياسة الضريبية.
وهذا الانقسام في رأيي يعود إلى التقسيمة البشرية في الولايات المتحدة حسب الجنس والأصول العرقية والفئات العمرية والمناطق السكنية والالتزام الديني والاجتماعي، حيث تشهد هذه الانقسامات تطوراً سريعاً نحو مزيد من الانفتاح والمكاسب الليبرالية في مقابل الانغلاق الأميركي على الذات. وفي الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها الرئيس باراك أوباما للمرة الثانية لم تكن الرسالة بأن الشعب الأميركي كان على محك الحرج من عدم اختيار مرشح من أصول إفريقية لأسباب عنصرية، فهذه القصة انتهت وكان إعادة انتخاب الرئيس بناء على أطروحاته ومواقفه من العديد من القضايا التي بالفعل قسمت الرأي العام إلى فريقين شبه متساويين في العدد، فريق يمثل نموذج التشدد الأميركي سواء في القيم الدينية والاجتماعية أو العنصرية الأنجلوسكسونية (عيال بطنها) والعوائل التجارية، في مقابل مجتمع يدعو إلى الاندماج بين الأعراق والفئات الشابة وحقوق الأقليات والاهتمام بذوي الدخل المحدود. ومن المؤشرات اللافتة في هذا الصدد أن أصوات أوباما جاءت من الأقليات الإفريقية واللاتينية والآسيوية مجتمعة في مقابل تصويت أغلبية البيض للمرشح الجمهوري، وبالإضافة إلى ذلك فإن الأصوات النسائية كانت مرجحة بشكل واضح لأوباما بينما الرجال كانوا أكثر ميلاً للمرشح رومني، وعلى نفس الخط فإن الشباب من 18-29 سنة صوتوا للرئيس بنسبة فاقت الـ60% وبشكل أقل من هم دون سن الـ45 سنة، بينما كانت كفة العجائز للمرشح الجمهوري.أما سكان المدن والولايات الساحلية فرجحت بشكل واضح كفة الرئيس بينما الولايات الداخلية والقرى الصغيرة كانت من نصيب المرشح الجمهوري.وبمقارنة قد لا تخلو من طعم الفكاهة ولكنها جادة؛ لو كان الكويتيون يصوتون في الانتخابات الأميركية، فإن إسقاطات هذا المثل كانت ستتمثل بالتالي: الشباب والنساء وذوو الدخول المحدودة والشيعة والقبائل والمتجنسون حديثاً والتيار الليبرالي كانوا في الغالب سيصوتون لباراك أوباما، بينما التيارات الدينية وكبار السن ومن يطلق على نفسه عيال بطنها وأهل السور والعوائل التجارية التقليدية كانوا أكثر ميلاً للتصويت للمرشح الجمهوري ميت رومني!!