• يتزامن طرح اقتراحكم بخصوص قانون حقوق المرضى وأهميته لإحداث نقلة نوعية بالرعاية الصحية مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق اليوم (10 ديسمبر من كل عام) فما العلاقة بين حقوق المرضى وحقوق الإنسان؟

Ad

-بالفعل صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظمة الأمم المتحدة في 10 ديسمبر من عام 1948 وأدى صدور هذا الإعلان إلى تحقيق الإنجازات الكبيرة على المستوى الدولي وإلى نشر ثقافة حقوق الإنسان ووضع الأدوات والآليات العديدة لضمان تطبيق معايير حقوق الإنسان بالمجتمعات المختلفة وهو التزام دولي تتم متابعته من خلال التقارير التي تناقش بشفافية في الاجتماعات الدولية والإقليمية وفى الواقع إن العلاقة بين الصحة وحقوق الإنسان علاقة عميقة الجذور ومتعددة الأبعاد. إذ ان الحق في الصحة هو حق أصيل من الحقوق الأساسية للإنسان وقد نص عليه دستور منظمة الصحة العالمية كما نص عليه دستور دولة الكويت، كذلك فإن العديد من الاتفاقيات والإعلانات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية نصت على الحق في الصحة ضمن سياق حقوق الإنسان الأساسية.

وفى ضوء المعاهدات والاتفاقيات الدولية أصبحت العلاقة بين المريض والطبيب تحتاج إلى تطوير للإطار القانوني الذي يحكمها وأن يتواكب هذا التطوير مع المستجدات العالمية في مجال حقوق الإنسان ومن ثم أصبح وجود وإصدار قانون لحقوق المرضى ضرورة تشريعية وأحد متطلبات تطوير النظام الصحي.

كما أن النظم الصحية بطبيعتها متغيرة وسريعة التغير ولذلك يجب أن تتطور هذه النظم بصورة مستمرة بما يواكب التطورات العالمية سواء من حيث التشريعات أو نظم العمل أو بروتوكولات الرعاية الصحية والتقنيات الحديثة أو طبيعة العلاقة بين المريض والطبيب أو الاكتشافات والاختراعات العلمية الجديدة في مجال الطب والصحة.

• وماذا تتطلعون إليه في المستقبل القريب بخصوص موضوع حقوق المرضى؟

-نأمل أن يكون مشروع قانون حقوق المرضى من أهم الأولويات للحكومة ومجلس الأمة الجديدين وأن تتضافر الجهود ليرى هذا القانون الهام جداً النور قريباً لما فيه مصلحة المرضى ولحماية حقوقهم ولكي ترتقي الكويت وتصبح من الدول السباقة في هذا المجال. كما أنني شخصياً أتمنى أن يبادر مجلس الوزراء ويعلن عام 2013 عاما لحقوق المرضى في دولة الكويت، وهذا هو الحافز المناسب لتسليط الضوء على هذا الموضوع ولنشر الوعي عنه ولإشراك جميع قطاعات المجتمع في المساهمة لجعل هذا القانون المنشود حقيقة وواقعا في الكويت من أجل مصلحة المرضى.

التشريعات الصحية

• هل توجد حالياً في دولة الكويت قوانين تحكم جوانب العلاقة بين المريض والطبيب؟

-دولة الكويت من أوائل الدول التي اهتمت بإصدار القوانين والتشريعات الصحية ولدينا العديد من القوانين وهناك مواد ببعض القوانين تنظم العلاقة بين المريض والطبيب ويصعب حصرها ولكن وعلى سبيل المثال لدينا قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب وطب الأسنان والمهن المعاونة لهما (المرسوم بالقانون 25 لسنة 1981 وتعديلاته) وينص على مواد محددة تكفل حفظ حقوق المرضى بالخصوصية وسرية المعلومات وشروط الترخيص بمزاولة المهنة ولدينا قانون رقم 62/1992 للإيدز والذي يحمى الحق في الخصوصية وسرية المعلومات ويوائم بين حق المريض وحق المجتمع ولدينا أيضاً قانون الفحص الطبي قبل الزواج رقم 31/2008 والذي ينص أيضاً على الحق في الخصوصية وسرية المعلومات ولدينا قانون ممتاز لتنظيم نقل وزراعة الأعضاء البشرية وينص على ضوابط مشددة للتصدي للاتجار بالأعضاء البشرية كما أن لدينا قانونا للوقاية من الإشعاع ويوجد بقانون الجزاء مواد صريحة لتجريم الإجهاض وهو ما يحفظ الحق في الحياة، ولكن نحتاج إلى إعادة صياغة للعلاقة بين المريض والطبيب وحفظ حقوق المرضى من خلال قانون شامل ومحدد وهذا التطور المأمول بالتشريعات الصحية أصبح ضرورة بعد انتشار ثقافة حقوق الإنسان والمستجدات متعددة الأبعاد والمتلاحقة بالعلاقة بين المريض والطبيب ودخول أطراف جديدة وعديدة بالنظام الصحي أو قوة مؤثرة إلى حد ما بالعلاقة بين المريض والطبيب.

• ولكن وجود قانون لحقوق المرضى قد يؤدي إلى المزيد من الشكاوى على الأطباء وقد يلجأ البعض إلى القضاء!

-إن صدور القانون يعني أن يعرف كل طرف ما له وما عليه وفقاً لأطر قانونية محددة وهو ما يتيح الفرصة لكل طرف لأن يؤدي ما عليه وفقاً للقانون وهكذا فإن جسور الثقة بين الطبيب والمريض تمتد وتقوى ويسهل الفصل في الشكاوى وفي المنازعات ويطمئن الطرفان إلى الحماية القانونية لحقوقهما ولواجباتهما. ومما لا شك فيه أن صدور مثل هذا القانون سوف يعطي المريض الثقة بطلب المعلومة والتعرف على طبيعة المرض وتطوره المستقبلي وبذلك يدرك المريض أنه مشارك في المحافظة على الصحة وتفادي المرض.

• هناك بعض الإجراءات التي يتعرض لها المريض أو بعض الفحوصات التي تجرى له لضرورة طبية يقررها الطبيب المعالج فهل للمريض رأي أو دور في مثل هذه الإجراءات، وهل من حق المريض أن يناقش الطبيب فيما يقرره له سواء من حيث الفحوصات أو الإجراءات الطبية؟

-حق المعرفة حق أصيل للمريض وعندما يعرف ذلك كل من الطبيب والمريض فإن الطبيب سيحرص على تمكين المريض من الحصول على الحق في المعرفة وأن يشرح له الإجراءات أو الفحوصات أو العمليات الجراحية والفوائد المتوقعة والمضاعفات التي قد تحدث ومعدلاتها وأن يتمكن المريض من المعرفة الكاملة لحالته وبما يمكنه من أن يتخذ القرار المناسب المبني على الإرادة الحرة والمستنيرة قبل أن يقوم بالتوقيع على الإقرار المكتوب اللازم الحصول عليه من المريض قبل إجراء العمليات الجراحية أو قبل إجراء بعض الإجراءات الطبية الأخرى. كما أن احترام الطبيب لحق المريض بالمعرفة وإلمام المريض بهذا الحق وحدوده وكيفية ممارسته يؤدي إلى تعزيز الثقة بين المريض والطبيب ويوفر الحماية القانونية للطرفين ولكن هناك أيضا بعض الحالات الطارئة التي تحتاج إلى تدخل سريع أو يكون المريض طفلاً أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو غائباً عن الوعي وهذا يستوجب أن يتضمن قانون حقوق المرضى مواد تنص على كيفية التصرف في مثل تلك الحالات الطارئة.

تشريع

• هل إصدار تشريع أو قانون خاص لحقوق المرضى يحتاج إلى مشاركات من جهات أخرى خارج وزارة الصحة أم أنه شأن داخلي للوزارة؟

-العلاقة بين المريض والطبيب أو بصورة أشمل بين الأطراف المقدمة للرعاية الصحية والمستفيدين منها ليست شأناً داخلياً يخص وزارة الصحة فقط فإن مثل هذا القانون يحتاج إلى الاسترشاد بآراء وخبرات الأطراف المختلفة ذات العلاقة بالشأن الصحي وحقوق الإنسان والجمعيات المهنية ذات العلاقة بالصحة وجمعيات النفع العام والمجتمع المدني والقطاع الخاص حتى يصبح القانون شاملاً ومعبراً عن مصالح وحقوق جميع الأطراف. وبالطبع فإن وسائل الإعلام يقع عليها مسؤولية كبيرة لإجراء حوار مجتمعي حول هذا الموضوع لأن عصر الإعلام الحديث يؤثر بقوة وإلى حد بعيد على العلاقة بين المريض والطبيب وعلى أداء النظام الصحي ككل.

• هل يكفي مجرد صدور القانون المقترح لحقوق المرضى لتعزيز الثقة بين المريض والطبيب؟

-صدور القانون المقترح يجب أن يواكبه تطوير برامج التعليم الطبي والصحي والتعليم المستمر ونشر ثقافة حقوق الإنسان بين العاملين بالرعاية الصحية وبالمجتمع ودمج مبادئ حقوق الإنسان ضمن البرامج التعليمية وسياسات وإجراءات العمل بمرافق الرعاية الصحية وتحويل روح القانون إلى ممارسات يومية ومتابعة التطبيق من خلال مسؤوليات وآليات واضحة ومحددة. وهناك العديد من الاستراتيجيات والبرامج الأخرى التي تهدف إلى تعزيز الثقة بين المريض أو المستفيدين من الخدمات الصحية من جهة ومقدمي الخدمات الصحية بمن فيهم الأطباء من جهة أخرى ويجب أن تسير تلك البرامج بالتوازي مع القانون المقترح وصولاً إلى تحقيق وتعزيز الثقة بين المريض والطبيب وأن يدرك المريض إن جودة الرعاية الصحية تعتبر حقاً من حقوق الإنسان بالرعاية الصحية.