إذا كانت الأغلبية مستعدة للمشاركة الحكومية فعليها أن تعلن برنامجها للسنوات الأربع القادمة سواءً في حزمة التشريعات الإصلاحية والمتعلقة تحديداً باستقلالية القضاء ومكافحة الفساد وإعادة صياغة قوانين التأمين الصحي والمدن الطبية، وكذلك قوانين إصلاح التعليم والتعيينات القيادية ومشاريع التنمية، أو في ما يتعلق بملاحقة التجاوزات المالية والفساد الإداري بموجب جدول زمني.

Ad

يبدو أن العمر الافتراضي للحكومة قد انتهى، ولا أمل في وجود تفاهم أو انسجام بينها وبين مجلس الأمة، وطالما أن سيناريو حل البرلمان مستبعد بحسب توقعاتي حتى الآن، فلم يبق هناك سوى خيار سياسي واحد، وهو تقديم الحكومة استقالتها وإعادة تشكيلها أو إجراء تعديل شامل وكبير.

وبناءً عليه يفترض أن تكون كتلة الأغلبية هي الأوفر حظاً في المشاورات القادمة، حيث تقتضي الأعراف الدستورية والمنطق السياسي أن§ تدخل في مفاوضات جادة ومسؤولة مع الحكومة، إذا كانت تعي حجم المرحلة الحالية الحرجة وطبيعتها، وتستغل في ذات الوقت ما تبقى من حالة التماسك بين أعضائها، حيث أثبتت المواقف الأخيرة أن ما يجمع هذه الكتلة هو حزمة التشريعات الإصلاحية وليس الاستجوابات.

ومن حيث يشعر نواب الأغلبية أو لم يشعروا فقد أكلوا الطعم السياسي في الدخول في مرحلة مواجهة مبكرة ومستعجلة، وفي نفس الوقت غير مبررة، مع الحكومة ومن المحتمل جداً أن تزيد الهوة بين نواب الأكثرية مع كل استجواب قادم، ومثل هذه النتيجة في رأيي قد لا تأتي فقط مع بقاء هذه الحكومة وهو احتمال ضعيف، بل حتى مع الحكومة الجديدة إذا لم تتشكل بالتنسيق والشراكة الحقيقية معها.

وفي نفس السياق، فلا مخرج أمام رئيس مجلس الوزراء إلا في الجلوس مع أعضاء المجلس برؤية واضحة وأهداف محددة من شأنها تعزيز الثقة شبه المنعدمة؛ ليس فقط بين السلطتين إنما في الحالة السياسية العامة برمتها.

ومن ناحية أخرى لا يمكن للأغلبية المعارضة أن تشارك بأي عدد من الوزراء إذا لم تتوافر خطة عمل متفق عليها وذات مردود إيجابي وملموس، وأتوقع أن الأغلبية الحالية مدركة تماماً خطر الوقوع في المصيدة السياسية عبر دخولها حكومة مستمرة على ذات النهج التقليدي والمتردد في ضبط مكامن الفساد والحد من نفوذ أصحاب المصالح، والمتلكئة في إقرار القوانين الإصلاحية الملحة، الأمر الذي يعني فقدانها الثقة الشعبية في أي انتخابات قادمة.

وإذا كانت الأغلبية مستعدة للمشاركة الحكومية فعليها أن تعلن برنامجها للسنوات الأربع القادمة سواءً في حزمة التشريعات الإصلاحية والمتعلقة تحديداً باستقلالية القضاء ومكافحة الفساد وإعادة صياغة قوانين التأمين الصحي والمدن الطبية، وكذلك قوانين إصلاح التعليم والتعيينات القيادية ومشاريع التنمية، أو في ما يتعلق بملاحقة التجاوزات المالية والفساد الإداري بموجب جدول زمني وتقبل بذلك التحدي، وتبرهن أن الإصلاح يمكن أن يأتي من الداخل وليس بالاستمرار في النقد الخارجي.

وهذه فرصة سانحة أيضاً لرئيس الوزراء ليثبت أن الأسرة ورجالها مستعدون للعمل الجاد وفق مبدأ الشراكة الدستورية وتدشين حقبة جديدة من العمل الديمقراطي البنّاء.