انتقدت كثيراً جماعة الأغلبية في المجلس المبطل، وأكاد لا أتفق معهم في شيء، فهم في واد وأنا في واد آخر، لا فكرهم يعجبني ولا أسلوبهم ولا نهجهم ولا حتى تجمعاتهم، ورأيي فيهم كان دائماً أنهم يتبعون عاطفتهم، ولا يعرفون كيف يتعاملون مع المستجدات السياسية ولا يجدون الحلول لتكتيكات ومناورات الحكومة التي تستغل الثغرات القانونية وضبابية بعض مواد الدستور، وهم حماسيون دون بوصلة تقودهم إلى الاتجاه الصحيح، ولذلك، في رأيي الشخصي، لا يصلحون لأي نوع من القيادة، لا قيادة دولة ولا معارضة ولا حتى قيادة مجموعة من الشباب الذي يحترق حباً في وطنه ورغبة في إصلاحه، لذلك كتبت عدداً من المقالات في نقد خطهم ونهجهم السياسي، ولا أخفيكم أنني فرحت لمقاطعتهم الانتخابات القادمة، وقلت "فكه... وما يشوفون شر"!

Ad

وكان يفترض بي حسب ما هو متعارف عليه في الكويت أن أصدق كل ما يقال عنهم من تهم وادعاءات، وأن أفرح وأتشمت وأنشر التهم كحقائق غير قابلة للجدل أو التشكيك كبعض خصومهم، الذين لا أعرف من أين ظهروا لنا بحكاية "الإخوان" وقطر، وبقية نشيد التخوين والعمالة للخارج، غير أنني- وأصدقكم القول- كنت أشعر بالقرف في كل مرة أرى أحد "البغباوات" يردد موضوع "الإخوان"، وكيف يخططون للاستيلاء على الحكم، وأن قطر تدعمهم بالمال وتستخدم نواب الأغلبية كأدوات لتنفيذ هذا المخطط!

وحين يسأل أحدهم: ما دليلك يا "عم الحج"؟! "يتبلعم" ولا يقدم لنا شيئاً يعتد به سوى أن عدداً من النواب قد زار قطر مرات عدة، وأن المسيرات التي قاموا بها تشبه ما حدث في مصر!

"يا سلاااام"!! ما هذه الحجة الدامغة والدليل الناصع والبرهان البين الواضح؟!  لقد كان أكثر ما يزعجنا في نواب الأغلبية هو فجورهم بالخصومة وإلقاؤهم التهم على الآخرين دون دليل، واليوم، يأتينا خصومهم بأشنع من ذلك، وهي تهمة العمالة لدولة خارجية والانقلاب على الحكم استناداً إلى فرضيات مبنية على معطيات ضعيفة لا تصمد لحظة في أي نقاش يقوم على الحجة والمنطق، الدافع منها الانتقام لا أقل ولا أكثر، وتحويل الخصومة معهم إلى مبارزة بين اثنين، الفائز بينهما... من يكذب أكثر!

وإحقاقاً للحق نقول، على شدة خلافنا معهم، إن بين جماعة الأغلبية الذين "يبطون الجبد" في عنادهم ومواقفهم الصدامية من- ربما- ذرة من وطنيته وإخلاصه للوطن تفوق وطنية كل خصومه مجتمعين وأكثر! وأي منصف ينظر بتجرد لتاريخهم السياسي سيقر بذلك دون تردد، واختلافنا معهم في النهج والأسلوب لن يجعلنا نقبل بأن يأتي من يتهمهم في وطنيتهم كما لم نقبل من قبل تهجم هؤلاء النواب على الغير وتوزيع الاتهامات يمنة ويسرة، فالحق هو ما يجب اتباعه مع الخصوم والأنصار، نفعل هذا لأننا نحترم أنفسنا ونحترم خصومنا على حد سواء!

***

كثر التندر هذه الأيام على بعض المرشحين الجدد "الظرفاء" وراحت بعض الفضائيات تركز عليهم في محاولة لإظهار أن المجلس القادم هو مجلس للضحك والتهريج، وأن جلساته ربما ستكون بتذاكر! وقد وضع الجماعة مقطعاً على "اليوتيوب" راح يتناقله الجميع عبر "الواتس أب" و"تويتر" عنوانه "طرائف المرشحين الجدد"!

الملفت أن كثيراً ممن ظهروا في هذا المقطع ليسوا مرشحين جددا، وهذه المرة الثانية أو الثالثة التي يترشحون فيها، وفي كل مرة لا تتجاوز أرقامهم مئة أو مئتي صوت في نظام الأربعة أصوات، فلماذا يتوقع القوم نجاحهم هذه المرة في ظل الصوت الواحد العزيز والغالي، والذي لن يعطى إلا عن قناعة أو مصلحة لمرشح واحد فقط، بعكس الأربعة التي كانت تفيض عن حاجة الناخب فيرمي بها لأحد المرشحين "الظرفاء" رأفة أو تعاطفاً معه، وهو ما لن يتم هذه المرة، والأرجح أن المحظوظ منهم لن يحصل على أكثر من عشرة أصوات في أفضل الأحوال!

"عينوا من الله خير" يا جماعة، فالكويتيون ليسوا بهذه السذاجة وسيختارون الأفضل، أو أفضل الأسوأ... إن أردتم!