شباب غزة... لا فرص للزواج
يجلس عماد، وهو فلسطيني في منتصف الثلاثينيات من عمره، على كرسي خشب صغير وسط متنزه الجندي المجهول في مدينة غزة، يصنع القهوة والشاي لرواد المتنزه الكثر الذين يتزايدون بسبب البطالة، وأوقات الفراغ الطويلة.ومع انتهاء فصل الشتاء، الذي الزم الغزيين منازلهم شهوراً طويلة نتيجة موجات البرد الشديدة، بدأ الشباب في القطاع الرملي الخروج، لإعادة إحياء جلساتهم من جديد.
وقال عماد، الذي أصيب بعيار ناري من الجيش الاسرائيلي في قدمه منعه من القيام بأعمال شاقة، لـ"الجريدة": "أعمل ساعات طويلة من أجل توفير لقمة عيش كريمة لأهلي"، مضيفاً "لا أستطيع الادخار من هذا العمل، بالكاد يكفي لإطعام عائلتي". ويرفض الشاب مجرد التفكير في الزواج وتكوين أسرة، إذ قال بألم وحسرة: "ليس لدي بيت مستقل وحتى عمل يمكنني من خلاله توفير مهر العروس، ومصروفات الاطفال"، مبيناً أن الزواج في غزة بات مكلفاً، ويتطلب على الأقل 15 ألف دولار بين مهر وعفش بيت وإيجاره ولوازم الفرح. ويعزف الكثير من الشباب في قطاع غزة، الذي يحكمه الإسلاميون، عن الزواج بسبب المشاكل والعقبات التي تقف حائلاً في طريق الاستقرار وتكوين عائلة، رغم وجود جمعيات خيرية وأخرى اجتماعية تنظم من حين لآخر زيجات جماعية. ويقول أحمد (32 عاماً)، الذي تخرج قبل عدة سنوات في الجامعة لـ"الجريدة"، "لم اجد فرصة عمل ثابتة لأتحمل نفقات الزواج والبيت الجديد"، متسائلاً: "من الجيد أن والدي وأخي يتحملاني ويمنحاني مصروفي الشخصي، فهل أجلب لهم عبئاً جديداً؟".وتحاول حكومة "حماس" مساعدة الشباب المقدم على الزواج، إذ كشف وزير الشباب والرياضة محمد المدهون عن استعداد وزارته لتقديم مساعدات مالية للشباب كبار السن الراغبين في الزواج، ولم تسمح لهم الظروف المادية باتمام الزواج حتى الآن، لكن الشباب يرون أن الإشكالية لا تقتصر على المهر.ويقول نادر، وهو في الـ28 من عمره، إن الجمعيات تساعد الشباب على الزواج وتنظم الزواج الجماعي، لكن الإشكالية في ما بعد الزواج، متسائلاً: "هل الجمعيات ستصرف على الأسر الجديدة وتمنحهم راتباً شهرياً، هل ستقدم متطلبات أطفالهم في المستقبل؟". وبين نادر أن مشكلة البطالة لدى الشباب تقع على عاتق السلطات، فهي بحاجة إلى قرار حكومي ومرسوم رئاسي لوضع الخطط والبرامج لتشغيل الشباب، وفتح أسواق العمل في الخارج لهم.ويعاني قطاع غزة بطالة كبيرة، خاصة أن سوق العمل الخاص متوقف منذ سنوات نتيجة الحصار الإسرائيلي، بينما الوظائف في الحكومة تقتصر كل عام على مدى حاجتها لموظفين جدد.