بعدما رفض جهاز الرقابة على المصنفات الفنية سيناريو فيلم «شمس التلت» أولى بطولاته السينمائية المطلقة، ندّد الفنان الشاب أحمد فلوكس بهذا الرفض الذي برره جهاز الرقابة بتضمن السيناريو مشاهد جنسية وإيحاءات لفظية لا يمكن تمريرها ولا يجوز عرضها أمام الجمهور.

Ad

يؤكد فلوكس أن هذه التبريرات غير صحيحة وأن الفيلم يتضمن مشاهد غير فجة وشبيهة بالأعمال التي قُدمت في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، وهو من تأليف مجموعة من الشباب كوّنوا في ما بينهم ورشة سيناريو، ويدركون جيداً ما يمكن تقديمه من دون ابتذال أو إسفاف، وبدلاً من أن يشجعهم الرقيب ويأخذ بيديهم رفض العمل شكلاً ومضموناً.

يهاجم فلوكس تعنّت جهاز الرقابة إزاء الأعمال التي يقدمها الشباب وتحمل فكرة جديدة يمكن أن تغيّر مسار السينما المصرية، موضحاً أن مؤسسات الدولة ما زالت تفكر بالطريقة القديمة نفسها التي عفا عنها الزمن.

تدخل في التفاصيل

يوضح المؤلف والسيناريست أيمن سلامة ألا صحة لما أثير حول رفض الرقابة لفيلمه «ضد الشريعة» الذي تغيّر اسمه إلى «زواية انحراف»، وأنه قرأ هذه الأخبار عبر وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن الموضوع لم يتعدَّ كونه مشروع فيلم نوقش داخل الغرف المغلقة ولم يتقدم به إلى الرقابة على المصنفات الفنية، كاشفاً أنه فوجئ بتسريب أخبار أن الرقابة رفضته لتضمنه مشاهد زنا محرم.

بعدما وافقت الرقابة على فيلمه «تحت النقاب»، أعلن المخرج والسيناريست هاني جرجس فوزي  أنه سيعيد كتابته لأنه خرج من يد الرقباء مهلهلاً، بعدما طالبوا بحذف مشاهد وتغيير خط سير العمل من الأساس، موضحاً أن الرقابة عندما تجيز أحد الأعمال فإنها تتدخل في تفاصيل كثيرة بالتالي يحتاج إلى إعادة الكتابة.

يضيف: «رغم تشددها وتدخلها في معظم الأعمال، إلا أن الرقابة شهدت في السنوات الأخيرة تحسناً بعدما ترأسها سيد خطاب وهي تعمل بمبدأ «المساواة في الظلم عدل»، مشيراً إلى أن علي أبو شادي (الرئيس الأسبق للجهاز) كان يكيل بمكيالين ويمرر أفلاماً لأشخاص معينين ويرفض أفلاماً لآخرين.

يرحب هاني جرجس فوزي بالرقيب الجديد عبد الستار فتحي، مؤكداً أنه عندما كان يعمل مديراً عاماً للجهاز كان يتفهم مشاكل المبدعين ويتحدث مع باقي الرقباء كوسيط لحل المشاكل المعقّدة والتوصّل إلى حلول لتمرير الفيلم، باعتبار أنه في الأصل مبدع وفنان وسيناريست معروف.

مهام الرقابة

يرى المخرج محمد خان الذي طالب مراراً وتكراراً بإلغاء جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، أن السينما المصرية أسيرة قيود تحدّ من انطلاقها لتحقيق نجاحات، لا سيما أن قانون الرقابة المصري ينصّ في أحد بنوده: «الحفاظ على الآداب العامة والنظام ومصالح الدولة العليا»، وهي مصطلحات مطاطة تفتح باب التأويلات من قبل الرقباء الذين لا يصحّ أن يكونوا مفتشين لضمير الفنان أو رقباء على إبداعه.

يضيف خان أن أهم الأفلام المصرية التي حصلت على جوائز عالمية منعتها الرقابة من العرض في الصالات المصرية، كذلك منعت الأفلام التي تناقش قضايا التعذيب والفساد السياسي والاقتصادي ومشاكل العشوائيات الحقيقية وأمراض المجتمع، تحت مظلة الحفاظ على مصالح الدولة العليا، «وهو السبب الذي أوصلنا إلى مرحلة التدهور الفني الذي نعيش فيه حالياً»، حسب تعبيره.

بدورها تحدد الناقدة خيرية البشلاوي المهام التي يجب أن يلتزم بها الرقيب وهي التصنيف الفني للأعمال وليس منع عرضها، مشيرة إلى أنه في الدول الغربية المتقدمة سينمائياً لا يمكن للرقيب أن يمنع أي فيلم من العرض بل يصنّفه حسب السن، لافتة إلى أن الفن المصري مسؤول ولا داعي لعمل رقابة عليه.

تضيف البشلاوي أن الأعمال الهابطة لا تلقى إقبالا لأنها تنتهي ذاتياً حتى وإن حققت إيرادات في بادئ الأمر. من هنا ترى أن «الجمهور هو الذي يحكم على العمل، ويشكل جمهور الأفلام الهابطة نسبة صغيرة من رواد دور العرض. لدينا أعمال كثيرة كل عام، وإذا حسبنا نسبة متابعة الجمهور الأعمال الهابطة سنجدها غير مؤثرة، ما يعني أن جمهور الأعمال الجيدة والأفلام الأجنبية الراقية كبير».

وجهة نظر فنية

يؤكد الرئيس الجديد لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية عبد الستار فتحي أنه فتح الملفات والسيناريوهات المحفوظة في الأدراج المغلقة وأجاز ما أمكن إجازته، موضحاً أنه يحكم على الأعمال من وجهة نظر فنية، خصوصاً أن ثمة أفلاماً معطلة منذ سنوات من دون سبب واضح أو عائق فني يستلزم ذلك.

يضيف: «أعدت النظر في  أفلام «الاستغُماية» تأليف محمد الدريني، «هابي فلانتاين» إخراج منال الصيفي، «الخروج» لهشام العيسوي، «قلب واحد» لهاني سامي، التي رفضت منذ حوالي ثلاثة أعوام، وبدأت الاتصال بصانيعها لتمرير ما يمكن تمريره منها وحل المشاكل المعقدة التي تعوق البعض الآخر». أما بالنسبة إلى فيلم «شمس التلت» فيؤكد أن «شركة السبكي المسؤولة عن إنتاجه سحبته وتقدمت بسيناريو آخر، ولولا ذلك لكنا تحدثنا سوياً وتوصلنا إلى حل فوري».

يوضح فتحي أن المصنفات جهاز غير تابع لأي تيار سياسي أو فصيل سواء ديني أو علماني أو ليبرالي، «لدينا قوانين وأسس وقيم مجتمعية وفنية نعمل من خلالها»، كاشفاً أنه يفكر في الدعوة لمؤتمر عام يحضره فنانون ومبدعون وإعلاميون لعمل ميثاق شرف إلى أن تتم إجازة الدستور المصري الجديد. كذلك يتمنى تغيير المسمى الوظيفي للرقيب، بعدما أصبح هذا الاسم سيئ السمعة ويقترن عند المبدعين والجمهور بالجلاد.

يتعهد فتحي بأنه سيكون دافعاً ومحفزاً للفن وليس عائقاً في طريقه، وأنه على استعداد للموافقة على أي عمل، مهما كانت فكرته، لأن الموضوعات كافة قابلة للنقاش والتفاوض ما دامت معالجتها الدرامية جيدة.