ضربات الـ تك والـ دُم تدق طرباً في سماء العراق

نشر في 05-05-2012
آخر تحديث 05-05-2012 | 00:01
No Image Caption
 إيمان حسين كثيراً ما يطربنا الغناء القديم الذي يحمل لنا صوراً رائعة عن ماضينا القديم، ونتمايل على ألحانه وكلماته المفعمة بالحب والوجد والحنين، وهذا ما ينطبق على "الجالغي البغدادي".

وفي ظل الظروف الحالية وما يشهده العراق من دمار يكون بث التسجيلات القديمة لـ"الجالغي البغدادي" في القنوات الفضائية مصدر فرح يكاد صدى أصوات الناس وهم يرددون ما تصدح به الفرقة أن يغطي السماء في بلاد الرافدين.

و"الجالغي" مفردة تركية الأصل ومعناها الجماعة أو التخت الموسيقي، وأصلها "جالغي طقمسي"، والطقمسي تعني الملاهي، وظل هذا الاسم متداولاً مدة طويلة حتى أضاف إليه أستاذ المقام العراقي الحاج هاشم الرجب لفظة البغدادي بدلاً من "طقمسي" ليعرف بعدها بـ"الجالغي البغدادي"، وجاء اختيار الرجب لكلمة بغدادي بسبب انتشار هذا الفن بشكل واسع في بغداد قياساً بمدن العراق الأخرى، وكذلك باعتباره بديلاً جميلاً للمتلقي عن كلمة "الملاهي" التي لها مدلول سمعي غير محبب لدى العراقيين.

وفرقة "الجالغي البغدادي" تضم مطرباً للمقام وأربعة عازفين، كلٌّ يمسك بآلة معينة يعزف عليها، ويرتدون في الأغلب زياً من الموروث العراقي أو ملابس رسمية، ويعتمرون "السدارة"، هذه المجموعة مع آلاتهم تسمى فرقة الجالغي البغدادي يعزفون على الجوزة والسنطور والدف والرق والطبلة.

و"السنطور" كلمة فارسية معربة تعني النبر السريع، ومخترعها هو "الفلهيذ" المغني الفارسي في عهد كسرى، وهي من أقدم هذه الآلات، إذ استخدمه العراقيون القدامى منذ زمن البابليين، إذ تم العثور في التنقيبات الأثرية على تمثال يمثل عازفاً وأمامه آلة موسيقية تشبه السنطور، وقد دلَّ هذا الاكتشاف على قدم هذه الآلة، وللسنطور الدور الكبير في السيطرة على إيقاع الأغنية ونقل المفردات الموسيقية.

أما "الجوزة" فهي الأخرى آلة قديمة تتكون من جوزة هند كبيرة يخترقها قضيب من الحديد متصل بمشطٍ صغير ومن الحديد أيضاً تربط فيه الأوتار الأربعة وينتهي إلى زند الجوزة.

وأما الرق فهو آلة هوائية تعدّ من ضروريات فرقة الجالغي، وهناك نوعان من النقر عليها، فعندما يضرب العازف على الرق بأصبعه تسمى ضربته "تك" أما ضربته بالكف فتسمى "دُم"، وقد يرافق عازف الرق عازف آخر يسمى ضابط الإيقاع الذي يضرب على الطبلة.

واستمرت فرقة الجالغي البغدادي القديمة التي كان أغلب أعضائها من يهود العراق، حتى سنة 1948، وعندما توفي بعض العازفين هاجر الباقون إلى فلسطين. وكان لحكومة نوري سعيد دور في تشكيل فرقة جديدة وبالفعل تم اختيار الأستاذ شعوبي إبراهيم عازف الجوزة رئيساً للفرقة والحاج هاشم الرجب عازفاً على السنطور والمرحوم عبدالكريم العزاوي عازفاً على الطبلة، وعبدالرزاق مجيد الشبلي على الرق، وكان يعزف على الطبلة أيضاً عدنان محمد نديم، وفي عام 1955 انضم عازف السنطور عبدالله إلى فرقة الجالغي بعد أن تحوّل الحاج هاشم الرجب إلى التأليف.

back to top