في إحدى دول آسيا طالب الناخبون بتغيير النظام الانتخابي من القائمة النسبية المغلقة والدوائر الانتخابية الكبيرة الحجم, إلى نظام القائمة المفتوحة والدوائر الصغيرة الحجم، فعالجت التجربة البعد الجغرافي الشاسع بين الناخبين وأعضاء البرلمان, وتحملت الإدارة الانتخابية مسؤولية التواصل وتوفير المعلومات، فمتى نتعلم الدرس؟!

Ad

غمرتنا وسائل الاتصال الإلكتروني بالأخبار, وأثقلت السياسة المحلية كاهل المغردين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بكل أصنافها، حتى اختار بعض النواب والمسؤولين ساحة "تويتر" كساحة رسمية للتصريحات؛ إسوة بالنشطاء السياسيين, الأمر الذي أدى إلى تربع موضوع الدوائر الانتخابية على عرش التغريدات خلال الأسبوعين الماضيين.

ولو عدنا إلى تاريخنا البرلماني، وتابعنا تغيير الدوائر لوجدنا أن أولى مبادرات الإصلاح والتغيير جاءت بالتقسيم العشري، أي عشر "مناطق انتخابية"، والتي استمرت على مدى أربعة انتخابات متتالية تخللتها أزمات حتى تغيرت الدوائر مرة أخرى، وحلت الخمس والعشرين دائرة مكان العشر في عام 81, وسط آراء أيدت التعديل وتحويل العشر إلى الضعفين والنصف وإعطاء الفرصة للمناطق البعيدة والجديدة في الدخول في التقسيمة الانتخابية, وأخرى عارضته بعدما شعرت أن التغيير سيضعف تيارات معينة ويفتح الباب على مصراعيه أمام كتلة عددية غير متمرسة في العمل السياسي.

واستمرت عجلة الإصلاح وتغيير النظام الانتخابي في الدوران حتى أقرت الحقوق السياسية للمرأة؛ مع إعادة تقسيم الدوائر إلى الخمس، فهل يصح بعد ذلك أن نتوقف عن مراجعة نظامنا الانتخابي؟ وإلى من تسند مسؤوليته؟

دعونا نتابع مؤسسات النظم البرلمانية العالمية كيف تتعامل مع الدوائر، فسنجد أن بعض الدول أعادت تقسيم دوائرها الانتخابية وإدارة مصالحها التشريعية باعتمادها على إدارة انتخابية مستقلة لضمان استقلالية تغيير الدوائر.

ودول أخرى ينتقل فيها التعديل بين الحكومة والبرلمان في إطلاق المبادرات الخاصة بالإصلاح الانتخابي، ودول أيضا تستند في مشاريعها الإصلاحية إلى جمعيات النفع العام ومنظمات المجتمع المدني، والنتيجة هي الرغبة في الوصول إلى عدالة التمثيل وشفافية تسجيل وتحديد نظم القوائم الانتخابية.

وفي السياق ذاته أذكر أننا اقترحنا ومجموعة من الزملاء قبل عدة فصول تشريعية أن تقوم لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية بدراسات دورية عن المناطق الانتخابية, وتداعيات تخفيض سن الاقتراع، وعرضنا كمراكز بحثية استعدادنا للمشاركة, ولكن مع الجري البرلماني خلف الاستجوابات تعطل المشروع.

وأخيراً وليس آخراً أختتم مقالي بالتجربة الآسيوية: ففي إحدى دول شرق آسيا شعر الناشطون السياسيون قبل عدة أعوام بخلل يمس عدالة النظام الانتخابي, وعدم استجابة الهيئة المنتخبة لتطلعات الناخبين, فلجؤوا فورا إلى المطالبة بتغيير النظام الانتخابي من القائمة النسبية المغلقة والدوائر الانتخابية الكبيرة الحجم, إلى نظام القائمة المفتوحة والدوائر الصغيرة الحجم، فعالجت التجربة البعد الجغرافي الشاسع بين الناخبين وأعضاء البرلمان, وتحملت الإدارة الانتخابية مسؤولية التواصل وتوفير المعلومات، فمتى نتعلم الدرس؟!