تقرير برلماني : الحراك الشبابي... تحركات تجاوزت السقف النيابي والسياسي
عكست تطورات الاوضاع السياسية المتسارعة في الكويت، تغيرات في المشهد السياسي، واختلافا في "قواعد اللعبة"، وخروج مسارات الاحداث عن التوقعات سواء من قبل الحكومة او قوى المعارضة، وربما تظهر نشاطات القوى الشبابية صورة جلية عما تشهده الساحة الكويتية من متغيرات كبيرة، فلم تعد قواعد العمل السياسي مرتبطة بطرفيها التقليديين الحكومة والمعارضة انما دخلت مجاميع الشباب كطرف رئيسي يفرض اجندته ويجبر الطرفين على التعامل معها.ولا يخفى ان رفع المعارضة سقف مطالبها سواء بالحكومة المنتخبة او الامارة الدستورية لم يكن ليتحقق لولا مجاميع الشباب التي اجبرت الأغلبية في المجلس المبطل على تبني مطالبها رغم عدم اتفاق الكثير من اعضائها مع هذه المطالب، ولاشك ان تغيير الحراك المضاد لمرسوم الصوت الواحد من تجمعات محددة في ساحة الارادة الى مسيرات منظمة ومرتب لها هو نتاج القوى الشبابية التي اختارت وسائل جديدة في التعبير عن رفضها للتغيير في النظام الانتخابي.
ومن خلال رصد نتاج المسيرات الثلاث التي نظمت خلال الفترة الماضية بدءا من مسيرة كرامة وطن الاولى، ثم مسيرة الوفاء للنائب مسلم البراك، التي خرجت بشكل عفوي في مناطق مختلفة وفي وقت واحد ثم مسيرة كرامة وطن الثانية يظهر أن الحراك الشبابي تجاوز السقف النيابي والسياسي في مطالباته وتحركاته.غير ان هذا النشاط في تنظيم المسيرات التي تجاوز عدد حضورها وفق تقديرات مراقبين محايدين 100 الف شخص، وفي وضع برامج المطالبات الاصلاحية اثار تساؤلات الكثيرين حول من يقف خلفها، لاسيما في ظل الاتهامات المختلفة التي توجه الى الاخوان المسلمين وبعض اعضاء الاغلبية المبطلة.لكن ليس جميع اعضاء الاغلبية متفقين على المسيرات، وثمة مواقف متباينة بين اعضائها ازاء مشروعيتها، وبعضهم يدعو الى ان ينحصر في حراك بساحة الارادة.وتكشف مصادر في كتلة الأغلبية أن هناك أكثر من 15 عضوا في الكتلة يعارضون المشاركة في المسيرات لوجهات نظرهم الشرعية. ولعل التجمع الاسلامي السلفي اكثر القوى المعارضة لموضوع المسيرات. ويعبر عضو كتلة الاغلبية النائب السابق خالد السلطان وهو ينتمي للتيار السلفي عن الموقف من المسيرات بأنه ضدها. ويؤكد ان هناك مجموعة كبيرة من اعضاء "الأغلبية" لا توافق على المسيرات او ما تمت الدعوة اليه من حكومة شعبية وإمارة دستورية.ويقول الناشط في الحراك الشبابي صالح المزيد وهو ذو توجه إسلامي ان فكرة المسيرات فكرة خالصة من الحراك الشبابي وليس هناك دعم من "الاغلبية" أو تيار سياسي. وقال المزيد في تصريح لـ "الجريدة" ان هناك توجها من قبل الحراك الشبابي في الأيام القادمة للدخول مرحلة العصيان المدني. ويؤكد النائب السابق د. فيصل المسلم وهو عضو في أغلبية مجلس 2012 المبطلة، "ليس للكتلة دور في المسيرات فمن "ينظمها مجموعة من الشباب الوطني المخلص ارتأت أن أسلوب المسيرات هو الرادع، لتدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطة التشريعية وللانفراد المتعمد بالقرار، لذا قرروا اللجوء إليها بوسائل سلمية، ويبقى هؤلاء الشباب محبين مخلصين لوطنهم".ويقول عضو "الاغلبية المبطلة" بدر الداهوم وهو من اعضاء كتلة العدالة ذات التوجه الإسلامي القريب من السلفية التي يرى معظم منتميها بعدم جواز المسيرات شرعا، يقول لـ "الجريدة" ليس لنا السيطرة على تنظيم الشباب، على عكس الندوات في ساحة الإرادة التي يكون للأغلبية دور فيها، موضحا ان المسيرات اصبحت امرت واقعيت عند الشباب.ودفع بعض الشباب ثمن اعتقالهم لمشاركتهم في الحراك الداعي الى سحب مرسوم الصوت الواحد.منذر الحبيب، شاب أفرجت عنه قوات الأمن بعد اعتقاله مع ثلاثة شبان في منتصف الشهر الماضي، وهو مستقل الفكر ومن الطائفة الشيعية، قال لـ الجريدة" ان هناك أربعة اعتصامات اطلقها بعض المواطنين والطلبة في الولايات المتحدة الأميركية، تضامنا مع مسيرة "كرامة وطن" الثانية بولايات مختلفة.ويؤكد الناشطان في الحراك الشبابي أحمد السيار وهو مستقل، وشافي الدوسري وهو ذو توجه إسلامي معتدل، ان المسيرات تنظيم شبابي جاء احتجاجا على انتهاك السلطة للدستور لتغييب إرادة الأمة.ودفعت المسيرات ووتنظيمها وهدفها الداعي الى سحب المرسوم الصوت الواحد بعض الشباب غير المعنيين بالشأن السياسي الى المشاركة والتعبير عن رفضهم لمثل هذا القرار.أحمد الفيلكاوي شاب مستقل الفكر ليس له في الشأن السياسي، يقول لـ "الجريدة" حضرت المسيرة الأولى وأنا لم أقرر المشاركة المسبقة، لحين التأكد انها ليست لخدمة تيارات سياسية وهو ما بدأ لي فعلا.اما الناطق باسم كتلة العمل الشعبي النائب السابق مسلم البراك الذي اعتقلته اجهزة الامن بسبب خطاب القاه في تجمع بساحة الارادة، فقال عن المسيرات لـ "الجريدة" ان هناك منظمين من الشباب الوطني الحريصين على مصلحة بلادهم ومستقبلهم، ونحن أعضاء سابقون في البرلمان مشاركون ومؤيدون لهذه المسيرات السلمية الى ابعد مدى والتي سمح بها الدستور.