رسالة سمو الأمير بإعادة النظر في مشاريع القوانين التي أقرها المجلس واضحة، فمضمونها يقول للأكثرية النيابية إن ممارسة التشريع لا تجوز أن تكون "سلق بيض"، فالتعقل والتدبر حين يغيبان عن المنهج التشريعي تصبح تلك المشاريع كارثية على الدولة ومستقبلها، والأغلبية التي أقرت تلك المشاريع بلمح البصر كانت تستجيب لنداءات ثأرية غير متعقلة من أغلبية قواعدها الانتخابية، وكان من المفروض على هؤلاء التبصر وقيادة الرأي العام بالحوار والنقاش العقلاني لا أن يكونوا مجرد صدى لعواطف جمهور الناخبين.

Ad

لا يضير الذات الإلهية ولا الرسول ولا أهل بيته أن تصدر كلمات هوجاء شاذة من أحد يبدو أنه لم يكن في حالة نفسية سوية حين "غرد" ذلك المتهم بالإساءة للرسول، وما أضير فعلاً هي العاطفة الدينية للناس الملتزمين دينياً، وكان يكفي تفعيل قوانين العقاب السارية بالدولة بلا إفراط ولا تفريط، فلا يصح أن يقفز نواب الأمة من كراسيهم متشنجين مقترحين مثل تلك المشاريع" الدراكونية"، وكأن لديهم ثأراً من الآخرين، وتحديداً من المواطنين الشيعة وغير المزايدين على المشاعر الدينية للناس. ولا يمكن أبداً قبول مثل تلك الآراء الساذجة حين ترد على المعارضين لمشاريع القوانين المتسرعة بمقولة: ماذا تريدوننا أن نفعل حين يهاجم أحد ما الرسول، هل نبعث له بباقة ورد! لا طبعاً، لا تبعث له "ببوكيه" ورد، وأيضاً لا تبعثه إلى حبل المشنقة لمجرد أنه قال كلمات سيئة لن تقدم ولن تؤخر من مقام النبي أو أهل بيته، فمثل ذلك المشروع لا يظهر أهل المجلس غير أنهم جماعات انتقامية متعصبة منغلقة العقول، اختلطت عليهم الأمور في العمل التشريعي وانساقوا خلف أهوائهم وأهواء من صوت لهم دون التبصر بعواقب الأمور.

من جهة أخرى هناك مضمون آخر لإعادة النظر في مشاريع قوانين "السلق" موجه هذه المرة إلى أعضاء حكومة الشيخ جابر المبارك بأن لا ترتجف قلوبهم هلعاً من عصي النواب حين يلوحون بها أمامهم ، فترددت الحكومة في البداية، ثم بصمت مع الباصمين على مشاريع السلق البرلمانية، بحجة "التعاون" مع المجلس، فهذا ليس تعاوناً وإنما "تهاون" في حريات الناس ومستقبل الوطن، فدماء جرح هدر مليارات الدنانير ما زالت ساخنة من "الداو"، حين "تعاونت" الحكومة السابقة مع نداءات المعارضة وفسخت عقد الشراكة دون دراسة قانونية واقتصادية وافية لنتائج الفسخ، كانت الحكومة متهاونة وليست متعاونة، كما كانت حكومات سبقتها مثلها، متهاونة حين أقرت قوانين سيئة، على سبيل المثال لا الحصر قانون منع الاختلاط في الجامعات، أو مارست التسويف وترددت في مشروعات كانت يمكن تخطو نحو الأمام لاستثمارات مستقبلية للدولة، أو أقرت مشاريع مجلسية تهدر حقوق البشر وتخترق قلب الدستور من شاكلة حرمان غير المسلم من التجنس، كانت تلك الحكومات "تتعلث" بحجة التعاون مع المجلس أو "الحرص على الصالح العام"، بينما كان منشار النهب والتربح من الأموال العامة يسير على قدم وساق بدراية و"تعاون" ومباركة الحكومات المتعاقبة و"صهينة" من المجالس النيابية، فعلى من نضحك اليوم… وهل فهم الفريقان المجلسي والحكومي رسائل رد المشاريع أو بكلام أدق إعادة النظر فيها كما يقول الدستور! أتمنى ان يكون لهذا المجلس بعد نظر...