الإسلام السياسي يحرق الربيع العربي
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
ممارسات الأصولية الإسلامية في تونس ومصر وليبيا وحرب "القاعدة" في اليمن ستحول الربيع العربي إلى خريف يدمر آمال الشعوب العربية، ولعبة الخطاب الديني للإخوان المسلمين سيسحبها من تحت أقدامهم الجهاديون المتطرفون كما فعلت "طالبان" في أفغانستان وصقور الملالي في طهران، أما ما يتردد عن النموذج التركي ومقاربته كمقياس لتجربة الإسلاميين في الحكم والسلطة، فهو قياس علمي خاطئ ومثال غير صحيح، فحركة «العدالة والتنمية» في تركيا أو جماعة أربكان التاريخية هي حركة تراثية بشعارات إسلامية تذكِّر الأتراك بمجد عرقي لهم يتمثل بالعثمانيين، وصبت أصوات الأتراك له بعد الرفض الأوروبي لانضمامهم إلى المنظومة الأوروبية لبعث الاعتزاز الوطني في وجه الإهانة الأوروبية لهم، ولم يغير في وجه تركيا العلماني الغربي ونمطها الاجتماعي وحروف لغتها اللاتينية شيئاً حجابُ زوجة رئيس الجمهورية المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية.إسرائيل بالتأكيد في غاية السعادة والرضا لوصول الإسلام السياسي إلى السلطة في الدول العربية، وتمادي ممارساته في الانغلاق وقتل الدبلوماسيين، وتهجير المسيحيين، ولم يكن غريباً قرار هولندا الأسبوع الماضي بفتح باب الهجرة للأقباط المصريين، وهي أمور توقيتها يثير التساؤلات، خاصة في تزامنها مع الفيلم المسيء للإسلام وذكرى 11 سبتمبر، وكلها أحداث لا يمكن أن تكون عفوية، فتفريغ العالم العربي من المسيحيين ووصول المتطرفين الإسلاميين إلى الحكم وتواتر ممارساتهم الشاذة ستجعل من السهل للصهاينة في المستقبل تكوين جبهة عالمية لمواجهة العالم العربي بعد أن تسوده أحادية مكونه الاجتماعي والديني وممارسات الأصولية الفجة، وفشله في اللحاق بالعصر في تكوين دول مدنية ديمقراطية تحافظ على حقوق الإنسان وتحترم اختلاف المعتقدات رغم الثورات التي قامت فيه من أجل الديمقراطية والإصلاح، والتي تَمكَّن الإسلام السياسي من اختزالها وحرق مفاعيلها، وهو ما يعزز لدى العالم ما يردده الصهاينة بأن العالم العربي الإسلامي لا يمكنه أن يكون جزءاً من العالم المتحضر الديمقراطي، بل خطر يهدد العالم ويجب مواجهته.