نستهجن لغة الخطاب المسيء إلينا كشعب أو تعميم المفردات الرخيصة للضرب تحت الحزام، ولكن هذه تبقى من أخلاقيات كل إنسان وتربيته وسلوكه، وما عادت تفرق في عالم «النت» من تكلم عنا أو تكلمنا عن الآخرين، ويفترض أن نعمل بما نعتقده الأصلح والأنفع لأن التعليقات والتصريحات والتحرشات كما الإشادات لا ولن تتوقف، ولم يعد لها حد في الزمان أو المكان!

Ad

التراشق «التويتري»، إن صح التعبير، بين قائد الشرطة في دبي وبعض المغردين والشخصيات السياسية في الكويت، وخاصة من التيار الديني يجب أن ننظر إليه من زاوية خاصة في عالم التواصل الاجتماعي وتدفق المعلومات.

فالكثير من المقالات التي كتبت سلباً أو إيجاباً عن تصريحات ضاحي خلفان، أو حتى التعليقات الإلكترونية كانت حساسة جداً في بُعد أعتقد أنه مهم للغاية، وهو التركيز على عمق العلاقات الكويتية الإماراتية، وسرد مآثر مواقف الجانبين تجاه بعضهما بعضاً في الظروف العصيبة، وكأن الناس هنا في الكويت أو في الإمارات تخشى من تدهور هذه العلاقات، أو حتى الدخول في مواجهة بين الطرفين.

وقد تكون مثل هذه الحساسية مقبولة لأن الكويت والإمارات على درجة عالية من الوفاق، بل لا يوجد أي سبب لتغيير هذا الواقع، وقد تكون حساسية تدفق المعلومات وانتشارها السريع بفضل التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها السحري في العواطف بشكل مباشر وانفعالي سبباً آخر لتعكير صفو الحميمية الكويتية الإماراتية.

ولكن من جهة أخرى يجب أن ندرك تماماً أن عالم التواصل الإلكتروني اليوم، وهذا التقدم المذهل والسريع في تقنية المعلومات، حالها حال كل الاكتشافات البشرية على مر التاريخ، لهما سلبيتهما وإيجابياتهما، ولا يمكن أن نتباهى وننتشي من تحول العالم إلى قرية صغيرة باتت توضع على راحة الكفّ الواحدة، ثم نتذمر من الآثار الجانبية والسلبية لمثل هذا الحدث الرهيب.

ومنذ القدم كانت مقولة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مجرد شعار دبلوماسي، كان الهدف الأساسي منه تجنب الحروب المباشرة بين الأمم المختلفة، ولكن التكنولوجيا الحديثة وما تحمل من اختراقات سهلة ومباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن الرأي سياسياً كان أم دينياً أم فكرياً نسفت من جراء عدم التدخل في شؤون الغير، ومثل هذا الشعار الوهمي يجب أن يزول في العقول كما هو زائل فعلاً في الواقع.

فاليوم أصغر طفل يحمل جهاز الآيفون قادر على نقل رأيه في أي موضوع وفي أي مكان على الأرض، خصوصاً أن الأحداث الكونية متسارعة ومتوالية، وكل كويتي الآن له رأيه في ما يجري في البحرين مثلاً أو سورية أو العراق أو إيران أو بورما أو الولايات المتحدة أو أفغانستان، وفي أي شخصية فنية أو سياسية أو دينية، وبالتأكيد الكثير من الناس لهم آراؤهم تجاه ما يحدث عندنا في الكويت.

نعم نستهجن لغة الخطاب المسيء إلينا كشعب أو تعميم المفردات الرخيصة للضرب تحت الحزام، ولكن هذه تبقى من أخلاقيات كل إنسان وتربيته وسلوكه، وما عادت تفرق في عالم «النت» من تكلم عنا أو تكلمنا عن الآخرين، ويفترض أن نعمل بما نعتقده الأصلح والأنفع لأن التعليقات والتصريحات والتحرشات كما الإشادات لا ولن تتوقف، ولم يعد لها حد في الزمان أو المكان!